مسيحيو المشرق ما بعد التكفير
مسيحيو المشرق ما بعد التكفير
حضور ودور
المؤتمر الرابع لمركزية لمسيحيي المشرق المنعقد في مركز "لقاء" التابع لبطريركية الروم الملكيين الكاثوليك – لبنان
مداخلة
باسكال وردا رئيسة منظمة حمورابي لحقوق الانسان
وزيرة الهجرة والمهجرين سابقا
العراق
٩-١١ شباط ٢٠١٧ لبنان-ربوة
عندما نحدق بشوق وامل الى صورة الحرية والسلام المنتظرة والتي عاشت في اعماق الاشخاص والجماعات الذين ناضلوا ولا يزال يناضلون بايمانهم واعمالهم ورجائهم وينتهي بهم الوضع الـى فقدان هذا الامل، ثمة اسئلة تطرح نفسها بشكل ملح منها:
هل للامل حدود وهل لم نتجاوز تلك الحدود ام ماذا؟!
ما رايناه وسمعناه خلال السنتين المنصرمتين وبالتواصل الى هذه اللحظة من السنة الثالثة لوجود المجاميع التكفيرية للغزو الداعشي في سنجار والموصل ومناطق سهل نينوى الخ.. هي حقائق لا يجب ان يختلف عليها اثنان بغية الشروع فى ايجاد حلول سريعة وواقعية تخدم بقاء المسيحيين وباقي الاقليات بما فيهم الاكثريات المستهدفة:
١- المهجرون قسرا ليسوا سواحا وليسوا معطلين عن النشاط قسرا لفترة الراحة اوالنقاهة مثلما يعتقد بعض دول الاستضافة
٢-المهجرون ضحايا وخاصة ابناء الاقليات وهم من اختبروا كل انواع الانتهاكات لحقوقهم والبشاعات المادية والمعنوية ضدهم اي عمليات ممنهجة للابادة الجماعية بكل ما تعنيه هذة العبارة، ضد المسيحيين والآيزيديين وباقي الاقليات. وشملت تلك البشاعات والجرائم مخطط القضاء جماعيا على اعراق واديان المجموعات الاثنية والدينية ومسح هويتهم وقلعهم من جذورهم وممارسة جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية ضدهم بالتهجير القسري واختطاف اطفالهم والسبي لنساءهم والاتجار الجنسي بهم وببناتهم وذبح رجالهم وتغييرالدين بالاكراه وممارسة أبشع انواع التعذيب ضد شبابهم وسلب كل ممتلكاتهم ومقتنياتهم الشخصية كالذهب ومبالغ مالية باهضة، بالاضافة الى كل الموجودات داخل الدور ومصادرة الدور لتسجيلها باسم الدولة الاسلامية. وما تبقى لهم بعد التكفير هو مجرد آثار للتدمير الكامل. فهو إما محروقا حيث ما يقارب 40٪ او مدرا كليا اكثر من 20٪ والنسبة الباقية جميعها مسلوبة ومحطمة والابواب مقلوعة ومكسورة والتخريب داخل البيوت بهيئة غير طبيعة. فالموجودات من بقايا احتياجات تبدو مدنسة بشكل لا يوصف بحيث نفسيا تثير الاشمئزاز و لا يشعر اصحابها بان هذا الدار لهم وهذه البقايا من الاشياء المدنسة وغير الصالحة للاستخدام فيما بعد اصبحت بالفعل ليست ملكهم. هذا بالاضافة الى غيرها من الجرائم التي تم ممارستها من قبل الكفار بالله والانسانية التكفيريين الداعشيين وباقي الدواعش امثالهم ممن مارسوا او يتسابقون بشكل او آخرلممارسة تلك الاعمال الشنيعة بطرق ووسائل مختلفة. وانا المتحدثة معكم احدى هؤلاء الضحايا حيث داري البسيط في قرقوش لا يزال ملطخ بالدنس المذكور مثلما ترونه في الصورة وان كان قد نجا من الحرق عجائبيا لكنه وحسب ما رايته كان قد علق في الباب الرئيس ولا يزال حبل المشنقة والطبلات الصغير تحته ما يدل على انهم مارسوا الحكم بالاعدام شنقا هناك في داري ...تصوروا الاثر النفسي الذي يترك هذا المكان في فكري وقلب عائلتي
مشنقة من صنع التكفير في بيت الوزيرة باسكال وردا في ظل عنف الدواعش
٣- ما يتوقعه الضحايا لما بعد داعش هو انعدام الامان والاستقرار في بيئة كانت حبلى بتاثيرات سياسات عنصرية وطائفية والاكراه والتجاوزات غير المشروعة من قبل المكونات المجاورة والمتنفذة في القرى المسيحية والآيزيدية
وبشكل خاص امنيا واقتصاديا حتى قبل داعش...
هيئة الحقد الممارس في تدنيس الدور لما لم يسلب حتى ذكريات طفولة لم تنجوا
٤- جميع المعطيات الحالية عن الوضع لا تلوح باستعادة الثقة المفقودة والمتواصل فقدانها أكثر فأكثرنتيجة ليس فقط بسبب الخبرة سنة 2014 عندما تم تسليمهم الى العديمي الرحمة والحس البشري من عصابات اجرامية "للدولة الاسلامية " مؤشرين بذلك على معاكسة سير الزمن نحو الخلف الى أكثر من ١٤٠٠ سنة الى الوراء، بل وايضا بسبب انعدام القرارات السياسية التي يجب ان تكون هي حاملة الحلول السريعة والقصيرة كما المتوسطة المدى بغية الوصول الى تحقيق الحلول الطويلة المدى التي تدعم السلام والامان المستدام. لكن هذا كله بحاجة الى اصلاح اداري وقانوني بوضع آليات ديناميكية تواكب ومتغيرات عالم يسير في ظل عولمة لا تعترف كثيرا بالروتين والبيروقراطية آالقاتلة للتطور ومعززة للفساد باشكاله.
واقع الحال وبسبب الحجب المعلوماتي الذي يمارسه اغلب الموظفين المحيطين بالمسؤولين المحتلين للمناصب في القرار بالاضافة الى المستشارين القانونيين الذين منذ عقود شاركوا لا بل تفننوا في تحريف القوانين بايجاد تعليمات اغلب الاحيان تخالف القانون وتضر الانسان بدلا من ان تخدمه بينما مبدئيا تلك التعليمات هي لتوضح التطبيق وتساعد المستفيدين في تطوير الاوضاع وليس لتدميرهم. أما الدستور فأصبح خرقه شيئا اشبه ببطولات تحققها المجاميع المتنفذة باستخدام تارة كتابات دينية معينة وتارة اخرى ضغوط مسلحة تهديدية تؤدي الى ايجاد تعليمات أكثر الاحيان جائرة بحق مواطنين ليس لهم امكانية الدعم الميليشياوي او نفوذ سياسية في السلطة مثل المسيحيين والآيزيديين وغيرهم من الاقليات الدينية..حيث كاضعف حلقات المجتمع نفوذا سياسية غالبا ما يكون تمثيلهم مخزيا .
هل يمكن ان يحدث تغييرا بعد ابعاد العصابات الداعشية؟ هل بقي امل لبقاء المسيحيين في العراق بشكل خاص والشرق بشكل عام نظرا للعوامل الموضوعية والذاتية الصعبة؟
١- العامل الموضوعي
انه السؤال الذي يتمحور حوله مؤتمرنا الموقر هذا. لذا علينا التطرق الى ما آل اليه الوضع بتحديدنا الرسالة التي تركتها لنا العصابات الغازية للدولة الاسلامية الاخيرة انطلاقا من ٢٠١٤، كعامل موضوعي قديم جديد تكرر عبر التاريخ والخيارات ذات نطاق قديم جديد: -اعتناق الاسلام، دفع الجزية او القتل. لابل هذه المرة لم تشفع للمسيحيين حتى الجزية كما شهدت لنا عوائل عائدة من الموصل. ففضل المسيحيون ترك كل شئ وعيش مآسي الهجرة القسرية مقابل بقاءهم مسيحيين. كم هو عظيم ايمانهم! واي كنز للكنيسة الجامعة! وتلي اهمية عامل الموقع الجغرافي لقراهم ومدنهم لاسيما تلك الواقعة في سهول عريضة وستراتيجة كسهل نينوى القريب جدا من مناطق اربيل ودهوك، وسهل السليفاني في سميل-دهوك ساعد بالدرجة الاولى في اجلائهم ذاتيا بشكل سريع. كما ان انعدام السيطرات العسكرية التي هاجرتها وبكل بساطة القوات الكردية (البيشمه ركة) التي كانت مبدئيا تضطلع بمسؤولية عملية امن المناطق التي أطلق عليها جهرا “المناطق المتنازع عليها"حيث لدى اعتداء عصابات داعش تبدد هؤلاء المسلحون قبل الاهالي بساعات عديدة دون اي ردع، ما ترك السيطرات مفتوحة امام الناس! كل هذه العوامل ساعدت في أكثر سرعة وسلامة وامن الفرار للمسيحيين واقله خسائر بشرية بالاضافة الى قرب سهل نينوى من اربيل ودهوك، مقارنة بسكان سنجار وقراها المحصورة بجبل سنجار العملاق الذي منع وصول الآيزيديين والمسيحيين) الى بر الامان قبل محاصرتهم من قبل العصابات الداعشية. نعم، حتى في سنجار كان هناك مسيحيون وتم حبسهم في كنيسة القديس كوركيس في مدينة سنجار لمدة أكثر من اسبوع وقد التقت بهم منظمة حمورابي بعد فرارهم حيث ظهرت آثار الاعتداء عليهم وتم تعذيبهم بوحشية ثم تحويلهم الى الاسلام بالاكراه. قدم الايزيدييون أكثر ضحايا عددا لأنهم ليس فقط خذلتهم الظروف الجغرافية الصعبة بل وايضا السياسية والامنية المحلية حيث لم ينجحوا في ترك مناطقهم بسهولة بل تاخروا بسبب اوامر من مسلحين اكراد في نقاط التفتيش. سرد لنا اهل سنجار بن بعض هؤلاء الاكدر قد أصبح دواعش وهم في مهامهم وإحدى الناجيات الايزيديات قالت "كنت اتوسل الي بعض عناصر من البيشمركة ليدافع عني لطالما انهم يجبروني ان اسمي نفسي بكردية ايزيدية" وقالت لهم: أ لا يهمكم بان يعتدوا علينا هؤلاء لماذا لا تدافعون عنا؟ قال أحدهم: " من كل عقلك ابادل الدولة الاسلامية بك يا كافرة وانا مسلم"؟! بقوا بهذا الحال الى ان تضاعفت قوة الدواعش ضدهم وأستبيحت دمائهم بشكل جماعي مستخدمين دينهم ومعتقداتهم كذريعة لشرعنة ابادتة الآيزيديين بشكل وحشي وباسم الله الداعشي القاتل الذي يظهروه على سلبية وسواد اعلامهم وهم بلا رحمة.. فكان قتل والسبي والاتجار بنسائهم وبناتهم وقتل رجالهم حيث في بعض المناطق ابيد الرجال بالكامل مثل قرية كوجو وغيرها حيث فاقت اعداد ضحاياهم اعداد المسيحيين. وتم بيع الفتيات والنساء في اسواق النخاسة في الموصل والرقة السورية حيث الجانب النوعي لا يقبل المقارنة لكل ما اصاب المسيحيين ايضا من العنف والاكراه والاستعباد الجنسي لشتى وأبشع انواع الانتهاكات كالعنف الجنسي والتعذيبات فكان للمسيحيون قد اصابهم ذات المصير من الناحية النوعية. تعرض اطفال الآايزيديين الـي الترهيب في معسكرات لغسل الدماغ وتدريبهم على ممارسة العنف باشكاله وجهاد النكاح الذي يمثل أسمى اهداف الجهاديين. تعرضت طفلات المسيحيين امثال كريستينا الى الاختطاف ولا يزال مصيرها مجهول. شخصيا ومباشرة التقيت وحققت مع اعداد من الناجيات الآيزيديات والمسيحيات اللاتي تحدثن عن البشاعات الفضيعة لجرائم الابادة الجماعية مثل عنف الاستعباد الجنسي الذي تم ممارسته على اجسادهن واجساد اامهاتهن وغيرهن من الآيزيديات والمسيحيات والرجال وحتى الاطفال، جميعهم سحقت كرامتهم. نعم ان عدد المسيحيات والمسيحيين والمسيحيات المسبيين والمقتولين اقل مقارنة بالايزيديين لكنه نوع البشاعة هي ذاتها لا بل اسوء ضد المسيحيات خاصة اللاتي تمسكن ولا تزل متمسكات بعدم اعتناق الاسلام بالاكراه..لذا
لا يمكن الاستخفاف من الانتهاكات الصارخة ضد كرامة الانسان لانها غير قابلة المس ابها ايا كانت المبررات والظروف.وهذا يؤكده جميع النصوص الدولية الخاصة بحقوق الانسان منها اتفاقيات جنيف الاربعة والخاصة بالحق الانساني وواجب التزام الدول حتى في النزاعات المسلحة بان يكون هناك اهتمام بصيانة الكرامة الانسانية في الحق في الدعم الانساني في الكثير من التفاصيل بغض النظر عن حالة الضحايا..
للاسف الشديد ان العراقيين المسيحيين كما الايزيديين لم يكتشفوا ممارسات الدولة الاسلامية هذه انطلاقا من التاريخ المذكور اعلاه. بل هم كانوا وبشكل متواصل يعيشون تحت هذا النير المتوحش مع بعض الهدن لا تتطول أكثر من ٥-١٠ سنوات وهكذا كوارث الابادات الجماعية تتكرر وتنال من وجودهم حتى في الحقب المعاصرة للقرون الاخيرة وذلك بشكل جماعي كما الفردي ويعيدون بناء اماكن العبادة والدور كوسيلة تشجيعية تبث الامل في جميع كنائس واديرة سهل نينوى والموصل تم تدميرها مرة أخرى...
وقعت تلك الابادات أكثر من ٧٤ مرة على الايزيديين الذين هم دائما في رعب وخوف مما جعلهم يعيشون منطوين على أنفسهم في بلداتهم وقراهم في سنجار والقرى السورية المتاخمة لجبل سنجار وبعض القرى التركية حيث بقوا هناك جراء
هذه دور المسيحيين في قرقوش حتى ذكرياتهم تم امحائها
هربهم المتكرر من المذابح والاضطهادات المترسخة والمقننة في عقلية سكان القرى المجاورة لمناطق سكناهم، يواصلون حياة تئن تحت نير الاضطهادات المشرعنة وانعدام الاستقرار وانتهاكات صارخة لابسط الحقوق الاساسية بشتى الطرق. هذا اصاب المسيحيين ايضا. لذا ارتأوا اليوم عدم العودة الى مناطقهم الاصلية التي هم من اوائل سكان وادي الرافدين يعيشون فيها قبل مضطهديهم والمتعدين على وجودهم بآلاف السنين. وحيث بسبب اختلافهم الديني والعرقي الذي يسبق جميع الاديان التي يطلق عليها "اديان سماوية”، اقتلعوا من جذورهم. نعم المسيحييون والآيزيديون والصابئة المندائيين تشبثوا بارض اجدادهم وتقاليدهم القديمة، هم الجزء الرافيديني -العراقي الذي هو اكثر احتفاظا وتمسكا بالكثير من مزاياهم القديمة التي تدل على انهم من الشعوب الرافدينية الاصيلة: كاللغة والاسماء والعادات واللبس والطقوس و منها دخلت الى المسيحية مثل صوم نينوى(باعوثا دنينوايي بالآرامية)اي طلبات النينويين، راجعوا العهد القديم سفر يونان النبي و قصته ورسالته ومدينة نينوى كاعظم المدن آنذاك الا وهي (الموصل) وضواحيها حيث الى يومنا هذا الكنائس المعروفة بالكنائس الشرقية السريانية الكاثوليكية وغيرها( الكلدانية الآشورية السريانية بشقيها) تفرض الصوم والصلاة على مؤمنيها خلال ثلاثة ايام في العراق وسوريا وتركيا وايران ولبنان بالاضافة الى دول المهجر) تيمنا بصوم وصلاة وتوبة ملك نينوى ملك نينوى وشعبها الذين استجابوا نداء النبي يونان (يونس) لاجل خلاص نينوى من الخراب بالسجود على الرماد والصلاة والصوم للتوبة امام الله لمدة ثلاثة أيام . اليوم ها هم اهل نينوى لا يحق لهم العيش بسلام في مناطقهم ولا في دورهم في وطنهم الام العراق لا بل تم اقتلاعهم من جذورهم ليصبحوا مهجرين قسرا داخل وخارج بلدانهم المذكورة.. مع ذلك في ديترويت، سيدني، لندن مرسيليا الخ من دول الشتات لا يزالوا يصومون ويركعون امام الله لاجل نينوى!
العامل الذاتي
ان تواصل العدد التنازلي لنسبة الاقليات في مناطق سكناهم ضاعف الويلات عليهم حيث تطبع الآخرين في تقزيم وجودهم ليس من قبل الاكثريات فحسب بل وحتى من قبل المتسلقيين من جماعاتهم ممن يعتبرون أنفسهم "سياسيين" ومشرعين ... بينما هم قطاع طرق وتجار خارجين عن القانون ويشترون الذمم للبقاء في المناصب فى وسط شراكة تتفنن في فساد لا تقبل به الاخلاق الانسانية وبشكل خاص المسيحية. والدليل انهم ومنذ مختلف الاستهدافات والمجازر والابادات الجماعية في الموصل بين ٢٠٠٥-٢٠١٤ وسهل نينوى بما فيها مجازر بغداد في مختلف المناطق وسيدة النجاة، لم يكلفوا هؤلاء "ممثلوا الشعب"أنفسهم بالسعي لوضع تبعات هذه الجرائم نصب أعين السلطات كموضوع وطني يندى له الجبين. والجميع في الدولة العراقية مسؤول عن حصولها حيث لم يقدروا او بالاحرى لم يحاولوا فرض وجود او مشاركة حقيقية قائمة على مبادئ لا تحددها المساومات السياسية - وان كانت تلك المشاركة مجرد رمزية – لكنها يمكن ان تكون جريئة ومخلصة وكفوءة. لا في البرلمان ولا في التنفيذ ولا في القضاء لم يرتق مستوى الاداء للمحسوبين على المسيحيين الى شئ بالعكس، بعض هؤلاء حارب ومنع، والى الان، الكفوئين من الوصول الى اي نوع من انواع المشاركة باستخدامهم المساومات التي يعززها النظام المحاصصاتي وانشغلوا بالاستفادة الشخصية انطلاقا من خلف الكواليس. بذلك حالهم حال باقي السلطات يساهمون في تهميش وتحجيم لا يصدق للالام والظلم الذي يعيشونه المسيحيون لأنهم لا يملكون اية رؤى ولم يقدموا اية خطة مستقبلية عن مستقبل المسيحيين، ما ينتج الخطاب غير الموحد والتشضي في الآراء وانعدام التنسيق بين المسؤلين السياسيين والكنسيين وغيرهم من المهتمين وكل من يجر لنفسه.. هذا هو ما سبب ليس في فقدان الثقة فحسب بل وايضا في اللا احترام لشخوصهم وبجميع القيادات بما فيهم بعض القيادات الكنسية. هذا الوضع الفوضوي هو جزء من الفوضى العراقية حيث حتى من ينادي ويبرمج للاصلاح نتيجته تكون ممارسة انتهاكات صارخة للحقوق المكتسبة للاسباب ذاتها.. ففي العراق هناك تحرك لكنه أعرج في وسط فوضى عارمة!! لان ليس الشخص المناسب في المكان المناسب...
ان القيادات الكنسية لم تنجح هي الاخرى في وضع حد للخلافات الطائفية الجدية بين رؤساءها ليتسنى لهم مناقشة الحلول الممكنة او المطالبة بحقوق شعبهم من خلال خطاب موحد بغية مساعدة المسيحيين في التحدي للعدوان ضدهم والتشبث بالارض وحماية الممتلكات والمقدسات. راح كل واحد منهم وعلى اعلى المستويات، للاسف الشديد، يبحث ويتسابق لكسب أكثر قدر ممكن من المقبولية وحتى في بعض الاحيان التدخل المباشر في السياسة منجرفين في منطق "المرجعية"الذي أصبح السياق المعتمد في العراق على المستوى السياسي بسبب الطائفية المقيتة. كان علينا نحن المسيحيين الالحاح علـي السلطات العراقية للتخلي عن هذا السياق الخاظيء للطائفية والحفاظ على الخصوصيات لخلق وفرض حترام مبدآ المواطنة في نظام يؤسس للديمقراطية التي هي افضل بيئة لسيادة القانون واحترام حقوق الجميع وفي ضل دستور يؤمن بالمدنية . خلال السنوات الماضية اختبر العراقيون الانحصار في ضيق وجهنم الطائفية معتقدين بانه هو أفضل الخيارات للمحافظة على الخصوصيات على حساب حقوق المواطنة. مع ذلك الامل يحملنا الى الايمان بان التغيير ممكن. هذا ما بدأنا نسمعه هنا وهناك من السنة والشيعة رفضهم واستنكارهم للتفرقة الطائفية كونها سبب التراجع الذي نعيشه منذ قرون. لكن هل سوف يصبح ذلك واقعا مستداما؟ اهل الموصل من المسلمين كما باقي المناطق التي تم تحريرها من داعش اختبروا عكس ما كانوا يتوقعونه من عنصرية وطائفية خلافة البغدادي.. لذا تمكنوا اليوم من اكتشاف اهمية الدولة ودورها في حياة المواطن وخاصة العراق الذي لا يمكنه ان يقوده التطرف الديني...هل سوف تتمكن حكمة الكنيسة من استغلال هذه الصدمة لتضع نفسها في خدمة قول الحق بتنظيم ذاتها وجمع شملها في رؤى تتناسب والتعايش السلمي تكون رسوله لدى جميع المكونات باستخدام جميع وسائلها البشرية؟
دعونا نقييم الجانب الانساني الذي قامت به مختلف الكنائس وخاصة الكاثوليكية منها والانجيلية وغيرها حيث في وسط الابادة الجماعية لم تفرق القيادات بين المسيحيين وحتى غير المسيحيين بل ادوا واجبهم بشكل لا ينساه التاريخ وذلك بمساعدة الكثير من المسيحيين في اوربا وغيرها من الذين قدموا مساعدات مادية ومعنوية لاسعاف ضحايا الابادة الجماعية التي مارستها عصابات داعش. بينما اخقت جميع الكنائس في صياغة رؤى ومواقف موحدة بغرض ايجاد خطاب موحد ومتوازن لمساعدة صناع القرار العراقيين والدوليين في الشروع الى حلول معقولة لوضع المسيحيين لما بعد التكفير.. تعلق القيادات الكنسية بامتيازات طائفية ابعدتهم عن هذا الواجب المتمثل في توحيد الرؤى وطرحها في الوقت المناسب. بينما هذا هو اهم ما يجب القيام به وهو الأسمى والاكثر ضرورة لانه يفرض على صناع القرار:
١- الفهم الصحيح لقضايا ومطالب المسيحيين
٢- انتعاش الحوار مع المعنيين في تقرير مصسرهم وليس بدونهم
٣- الشروع في ايجاد حلول جدية ومستديمة تشهد بحيوية الوجود لمسيح ورسالته لمعالجة واقع الاحتظار وفقدان الثقة الذي تعمقه الهجرة المتدفقة..
والحال، ما توصلنا اليه اليوم ، وبسبب كل هذه الحيثيات، اصبحت مبررات الهجرة سهلة. اي شعور الناس بانعدام اهميتهم في معادلات جميع القيادات الحالية. ففي مخيل المسيحيين وغيرهم من الاقليات العراقية فلا حل بديل غير الفرار المؤسف. وتدفق نزيف الهجرة المتواصلة الى خارج العراق بمعدل ٣٠-٤٠ عائلة يوميا، يمثل خير دليل على فقدان الثقة بالكامل من قبل المسيحيين وغيرهم من الاقليات، بممثليهم على المسويين الكنسي والرسمي، كما بوسائل ضبط الامن وادارة شؤنهم ويشكون بقدرة السلطات الرسمية على ايجاد حل جذري لهم او اي انصاف لحقوقهم المهدورة بعد كل الدمار الذي اصابهم من جرائم الابادة الجماعية...
ومع كل هذا وبشكل متناقض تماما في العراق لم يمت الامل بعد بل نريد تعزيزه ليكون هناك " املا ضد كل لا أمل" . ونطلب وسائل فعلية لاعادة الحياة والحقوق الى المناطق المنكوبة لتحفيز ابنائها على العودة الطوعية بالرغم من ان، حتى المنظمة الدولية، الامم المتحدة تستكثر على هؤلاء الضحايا المسيحيين الاعتراف بأنهم ضحايا الابادة الجماعية حالهم حال الآيزيديين والتركمان من خلال قرار دولي لحمايتهم الذي على الاقل سوف يخدم في منع وقوع أو تجنب تكرار وقوع هذه الجرائم للابادة الجماعية ضدهم حالهم حال الآيزيديين الذين بخلاف المسيحيين تمتعوا بهذا الاقرار. ربما لأنهم لا يشملهم
السياق غير العادل في معاداة المسيحية التي يعاني منها المسيحيون في العديد من الدول والمناطق من العالم في اوربا مثلا... ولم نسمع من العراق دفاعا رسميا عن هذا الحق اوتنديدا بهذا التقصيرالاممي ضد جزء مهم من شعبه. بينما العراق هو عضو مؤسس وعضو فعال منذ بداية تاريخ عصبة الامم وبعدها الامم المتحدة..نعم لاننا مسيحيين تستكثر هذه المنظمة الدولية بقرارها لصالحنا كي لا تعترف ليس فقط بواجبها تجاهنا كمواطنين عراقيين وكامة بلا سلطة وكاصلاء، بل تستكثرعلينا بقرارها الاممي الذي ربما مستقبلا وكآلية ناتجة عن "التمييز الايجابي" يمكننا في رفع الظلم عن المسيحيين بجميع تسمياتهم : الكلدان الآشوريين السريان والارمن وغيرهم من المكونات المسيحية هذا وبكل حق لانهم ضحايا تلك الابادات الجماعية التي اصابت الاقليات العراقية وفي مقدمتهم المسيحيين و الآيزيديين والصابئة الندائيين وغيرهم من الاقليات العرقية والدينية. هنا من سؤال في غاية الخطورة يطرح نفسه: هل اللجان الاممية لا ترى في حكمها غير العادل بانها اولا تناقض نصوصها الدولية الخاصة بحماية حقوق الانسان كالاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيتين الدوليتين الخاصتين:
١-الاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ٢-والاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية لسنة ١٩٦٦ والبروتوكول الملحق بهما واتفاقية سيداو الخاصة بمناهضة جميع اشكال العنف ضد المرأة، حيث انتهكت بشكل بشع بوقوع النساء المسيحيات وبناتهن سبايا في ايدي داعش واستعبدوا جنسيا وعذبوا وتم المتاجرة بهن في سوق النخاسة.. الخ. كماانهم يخالفوا اتفاقية حقوق الطفل حيث لا زال والدا كريستينا وغيرها من سهل نينوى(قرقوش) طفلة وهي في الثالثة من عمرها، انتزعت من صدر امها تحت تهديدات اطلاقات نار وهم في طريق الهروب من كفر داعش في آب ٢٠١٤. كذلك اليافعات ماريانا وماريتا الاختتين من الموصل في الخامسة عشرة والثانية عشرة من عمريهما واللتين لا زلن دون اي خبرعنها ...هذه للمثال وليس الحصر وما سمعناه ووثقناه من الناجيات المسيحيات جاكلين، كلوديا، زريفا، وعشرات اخريات مثلهن من اللاتي تعرضن الى الممارسات الفائقة كل الوحشية ويبدو بان التعامل الابشع كان يمارس ضد الفتيات والنساء المسيحيات لاصرارهن على عدم اشهار الاسلام فلا مقارنة فيما اصابهن. بعد كل هذه الممارسات اللا انسانية ترى اللجان الاممية بان المسيحيين غير مشمولين في قرار الاعتراف بالابادة الجماعية ضدهم نظرا "لرحمة" الداعش التي يعتبرونها بانها قد اعطت فرصة الجزية للمسيحيين! اي نوع من رحمة هذه؟! هذا بالذات هو انتهاك صارخ و ساحق لحقوق وحريات الانسان واولهم الحرية الدينية ولجميع ما ورد في النصوص الدولية الخاصة بحماية تلك الحقوق. انه الفساد المشرعن عبر التاريخ والآن حتى حماة المبادئ السامية الامم المتحدة التي قطعت عهدا على ذاتها بالاجماع بانها تكفل حماية الكرامة والحريات البشرية، وصلت الى ان تشرعن شناعة داعش بتبرئة الجزية وهم صاغرون بالرغم من كونها تمثل الاتجار بالبشر وشراء الوجود والذمم بالاضافة الى الاذلال لانها تدفع عن يد وهم صاغرون وو.. وكل هذا مرفوض من فبل النصوص الدولية الخاصة بحقوق الانسان التي تم سنها كقانون دولي في الام المتحدة “ هل بهذه السهولة تصبح هذه المتاجرة والكراهية وقتل الروح قبل الجسد بديلة مبادئ الشرعة الدولية وتسمو على القانون الدولي لتشجيع وتربية الشبيبة المسلمة على تبرئة ما يسمى "بالرحمة" لدى من يقدس جهاد النكاح وينتهك الحياة البشرية والكرامة الانسانية ليكفر من لا يـؤمن مثلهم باسم الله؟ اين يريد عالمنا التوجه اذن؟ دون شك ان المجتمع الدولي هو عبارة عن تجميع انظمة ودول لكن كان مبدأيا يربط ويبرر هذا التجمع مجموعة من المبادئ التي وصفت بسامية والتي اعلنت قدسيتها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وباقي النصوص المكملة له كما التي تؤسس للعلاقات الحسنة بين الشعوب ... هذا ما يمكن ان يتميز به الانسان مع اخيه الانسان فقط. لكن ما نراه ويثير الدهشة هو ان حتى هذه المنظمة تم اختراقها من قبل الروح الداعشي الى درجة أصبح الانسان لا يعتبر شبيهه الانسان جدير بالاحترام والحياة. بالفعل نحن البشر عندما نبتعد عن انسانيتنا نتوحش اسوأ من الوحوش!
الفكر التكفيري له جذور بعيدة في التاريخ وجان فييه يحلل
كلنا يتساءل وخاصة الجيل الجديد ترى ما الذي يحدث في الاروقة الادارية في العراق ولا يمكن تصحيحه بالرغم من تراكم القوانين المدنية الوضعية ابتداءا من مسلة حمورابي لملك بابل والى اليوم لم تعطل الماكنة التشريعية عن اصدار قوانين اغلبها جيدة وتريد المدنية بالرغم من تزاوجها بالشريعة الاسلامية بشكل واضح.. فاذا بحثنا عن أسس الفكر السائد المبني على ثقافة ذمية" لترسيخ الفارق الديني وملاحقته سوف نرى الكثير من الكتب الاسلامية والتفسيرات التي تعزز هذا الفكر وتجعل من القوانين قنابل موجهة في صدور المختلفين عنهم مثل قانون البطاقة الوطنية الذي صوت عليه البرلمان مؤخرا وفشلت مساعي تعديلة بالرغم من انه يمس الحرية الدينية وحق الطفل في عيش في عالمه دون اجباره على التصرف كالكبار
القانون المذكور في مادته ٢٦ تقول.." يتبع القاصرين من الاطفال الدين الاسلامي في حال اسلمة أحد الابوين
هنا بعض الايات القرآنية الواضحة وضوح الشمس ولا تقبل اية تفسير ولا مجادلة ونصها كما وردت في سورة التوبة آية٢٩ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" التوبة 29"
ه مثلا كما غيرها من النصوص..
يقول جان موريس فيّيه في كتابه "أحوال النصارى في خلافة بني العبّاس"الصادر سنة ١٩٩٠
إنَّ العوامل الرئيسية في ضمور وإنحسار المسيحيّة في البلدان العربية وألأسلامية يمكن ارجاعها الى عدة أسباب رئيسية، أهُمّها
التسامح في الأسلام اتخذ الوجه السلبي وليس الوجه الأيجابي ، كأن يشعر المتسامح مثلا أنَّ الحق بيده دون الآخر ، وإنَّه هو الأقوى ، وإنَّ بمقدوره أن يرفق ، بالتالي ، بمن هو أضعف منه . فالمفهوم اليوم من التسامح هو تنازل المتسامح عن بعض حقِّهِ وشعوره لذلك بأنَّه متفوِّق ، مع أنَّ دلالة "تسامح" (المؤلفة من مادة سمح ووزن تفاعل) تُفيد وقوع فعل التساهل والتلاين من طرفين لا من طرف واحد. وقد صنّف "زغلول مرسي" (مؤلف عربي معاصر) في "التسامح" . "ماذا يمكن أن يكون مدلول لفظ "التسامح كما تشكِّل حتى ألآن ؟ إنّهُ تصور ضيِّق الحدود جدّا ضمن واقع لا يفتا يتوسّع ويتجدِّد .إنّ استعمالات اللفظ نفسها تنم عن توازن مزيَّف فيها اهتمام بصون الوضع الراهن أكثر مما فيه دعوة الى تضامن ألأنسان مع ألأنسان" هذا يؤكد ما قاله المؤرخ المسيحي المشهور إبن العبري في كتابه "التاريخ الكنسي"يكتب:
.
" في منتصف القرن الثامن كان النصارى ورؤسائهم قد أدركوا أنَّ التسامح ألأسلامي الرسمي، الذي بدأ جذّابا منذ حوالي قرن، لم يكن في الواقع إلاّ سجنا صارما لامناص منه الاّ بالأسلام أو الفرار ".
“ام ان هذه الممارسات كانت ولا تزال جزءا من المبادئ التي كان ولا يزال يمارسها نظام الخلافة وخير مثل لذلك الفترة العباسية المعروفة وبالرغم من انها وصفت بافضل الفترات، كما وصفها أكثر من كاتب ومتابع ومستشرق بانها كانت فترة مثالية لاحترام حقوق المسيحيين من قبل الخلافة العباسية! لكن الواقع ليس كذلك (راجعوا الملحق بالمحاضرة).
ما العمل لاعادة المسيحيين وباقي الاقليات الى ديارهم؟
دون شك بعد زوال داعش والى الابد، ينبغي وجود ادارة قوية متمكنة من ان تصنع قرارات سياسية وامنية وادارية واقتصاية جدية يراد بها حماية وجود المسيحيين ليتسنى لهم لعب دورهم المعروف باخلاصهم وكفاءتهم وانفتاحهم على المستويين الداخلي والخارجي لاوطانهم وفيما يلي بعض التوصيات الاساسية لدعم الحضور وتجنب الانقراض بعد كل ما تم ممارسته من انتهاكات صارخة ضدهم في العراق :
١ - الاستقرار للمواطن العراقي مع رعاية خاصة لا بل "تمييز ايجابي" نحو من أطلق عليهم اسم الاقليات، كالمسيحيين والآيزيديين والمندائيين وغيرهم من الاقليات الدينية غير المسلمة والمستضعفة
٢-ضمان الامن بكل الوسائل الممكنة بما فيه الدعم الدولي بغية استعادة ثقة النازحين والمهجرين فلا يمكن الوثوق باية عصا سحرية جراء الخطابات المبسطة للظروف المآساوية التي تتجرأ وتصف الوضع بالوردي كما تفعله احيانا القوات الامنية لتبشير المواطن بانجازات التحرير
٣ السعي لايجاد تشريعات جديدة خاصة بحماية المسيحيين والاقليات غير المسلمة، واجراء تعديلات على بعض البود القوانين التي تمس الاقليات غير المسلمة...
٤- تعويض مادي ومعنوي لدعم وتحفيز العودة من داخل وخارج العراق من المسيحيين وباقي النازحين
٥- استثناء المسيحيين من الآليات والتعليمات الرادعة لهم بسبب اختلافهم الديني اوبسبب غيابهم جراء الهجرة والاستهداف الارهابي في بغداد ومن قبل عصابات الاجرام الداعشي في الموصل والمناطق الاخرى من سهل نينوى كما في مناطق اقليم كوردستان..
٦- استعادة الاراضي والدور التي تم التجاوز عليها من قبل غيرهم من المواطنين والغاء جميع القرارات السابقة والحالية الخاصة بتوزيع الاراضي المسيحية الى غيرهم من المستفيدين مساهمة من السلطات في التقليل من مخاوفهم .لان حاليا لا يشعر المسيحيين بالامان والاستقرار في اية منطقة في العراق. هذا الامر ليس لا اختياري ولا تصنيع، بل حقيقة واقعية لان هؤلاء الضحايا لم يلقوا الحل لا من قبل الدولة ولا من قبل الكنيسة. الحلول لا تزال على شكل افكار ومقترحات لدى السلطات العامة. وخلال ١٤عاما، ولاول مرة يداول بين بعض المكاتب الادارية في الادارة العراقية، موضوع الاقليات ومصيرهم في العراق. اي ان وضع الاقليات لم يصبح أحد المواضيع المهمة على اجندة البرلمان ولا الادارة التنفيذية. وبكل غرابة يبدو ان من يعتبرون أنفسهم "مشرعين مسيحيين" يرفضون حتى التمييز الايجابي حفاظا على فسادهم في المساومات السياسية من جانب، وفشلهم في السياسة واهمية القوانين من الجانب الآخر
.٧- الاهتمام بالشباب وفسح المجال لمن يتوفر فيهم الشروط المطلوبة الانخراط في سلك الجيش والشرطة وباقي الاجهزة الامنية لحماية مناطقهم دون شرط وقيد.
٨-تغيير المناهج التربوية ورفدها بمواضيع تعلم عن وجود ودور المسيحيين والاقليات الاخرى في بناء المجتمع
٩- تعزيز التمثيل الرسمي للمسيحيين، كما ونوعا، بغية خلق ديناميكية لا تقودها المبادئ الطائفية لمختلف الطوائف المسيحية بل نحو خلق نهج الحوكمة الرشيدة وشهادة في الاخلاص ومحبة الوطن.. والاصرار على تجاوز عقلية الحماية الذمية.
١٠-اشراك المنظمات غير الحكومية الفاعلة والمؤسسات الأخرى التابعة للاقليات في عملية البناء والتطوير لمناطقهم
تشكيل لجان مختلطة حكومية وغير حكومية للنظر في مددى تطبيق قوانين الحماية والمساواة
نحن كمنظمة حقوقية راقبنا وقدمنا ملفات بعض الدورالعائدة للمسيحيين والمغتصبة في بغداد من قبل جيرانهم المسلمين او من قبل مسلمين آخرين من مناطق اخرى وليس بالضرورة لان المالك غائب بل في الكثير من الاوضاع المالك في العراق ومنهم في الدار ذاته لا يرى والا اشخاص ياتون باوراق رسمية وسندات املاكهم تم تزويرها في دوائر العقارات قائلين: انتم عليكم ترك هذا المنزل لاننا اشتريناه من فلان! راجع التقرير السنوي٢٠١٤ و ٢٠١٥عن حالة حقوق الانسان لمنظمتنا حمورابي لحقوق الانسان www.hhro.org
وها ان اعداد من المسيحيين في بغداد مبتلين بهذه الجرائم التي تبقى بدون حلول مع ان منها تعود الى التسعينات (حسب اقوال مصادر مباشرة في القضاء الاعلى) ...ان الافلات عن المحاسبة ليس بدون حيطان كونكريتية تحمي القائمين على الفساد في العراق. لذلك لا تتحرك عجلة التغيير إلا بشكل بطيء اشبه بالمعدوم. الشعب العراقي شعب طيب ويعيش فيه الامل لدى رؤيته لبصيص من الأمل. لكن المشكلة تكمن في الحكام والادارة التي لبست رداء طائفيا منذ تاسيس الدولة العراقية خلال الربع الاول من القرن الماضي. وهذا الرداء الطائفي فسح المجال لنسج نمط اداري طائفي ديني بدأ بالطائفة السنية التي بحكم مسكها لزمام الامور في السلطة اوادارة العراق وكسب المناصب السيادية منذ تاسيس الدولة المعاصرة لا بل منذ عهد الخلافة، صنعت نوع من الانتماء للدولة أكثر من غيرها من الطوائف. وبذلك اعتبرالسني نفسه مثلا للوطنية وأكثر الانظمة التي شددت على هذا الجانب كان نظام البعث المدعي بالعلمانية بينما صدام نفسه قاد ما أطلق عليه الحملة الايمانية ابتداءا من سنة ١٩٩٤.. فليس بالغريب انه لم ينته الجذر الطائفي بل وتبنى المسلمين لدى السنة كما لدى الشيعة العرض الطائفي الذي راى الامريكان فيه شيئا طبيعيا في العراق وخاصة ان الاكثرية السكانية هي من الشيعة ما يقارب ال٦٠٪ من الشعب العراقي، مثلما فعل الانكليز سنة ١٩٢١ لدى تاسيس الدولة العراقية المعاصرة بتفضيلهم السنة على الجميع. وشددوا على ان تبنى المبادئ الديمقراطية في العراق وتتميز بالتنوع الطائفي بديلا للتنوع السياسي. وبنظرهم هذا هو الطريق الانجح اعتمادا على الديمقراطية العددية في المجتمع العراقي...ما اريد ان اوضحه هنا هو ان الطائفية تم تغذيتها عبر القرون من قبل سياسات فاشلة اكان ذلك من قبل الانتداب البريطاني او قبله في الامبراطورية العثمانيون مستمدة نارها الخفي أ كان ذلك في اوقات قصيرة المدى واعداد متناثرة هنا وهناك عبر مدن وقرى العراق جماعية معلنة وطويلة المدى في الكثير من الاوقات ممارسين المذابح الجماعية بابادة الجميع وهذا هو ما يتكرر منذ العهد الفارسي الذي فيه ادام الاضطهاد ضد المسيحيين ٤٠ سنة اي القتل والاختطاف والتدمير والحرق والتهجير القسري والانفال الخ والى قرون بعدها وصولا الى عصرنا حيث منذ الحرب العالمية الاولى مسيحيي العراق بشكل خاص ومسيحيي الشرق بشكل عام، تعرضوا ولا يزالوا يتعرضون يوميا الى الاضطهادات والظلم والابادات الجماعية المتواصلة .
رب حل دولي يلجم جماح المنفذين ومن وراءهم
.١١- العمل معا لاستصدار قرار اممي لحماية مسيحيي الشرق، يحتوي على فقرات فيها دعم نوع من الحكم الذاتي على شكل كانتونات حيث انطلاقا من الامكانية الدستورية لفدرلة العراق،يساهم في تنظيم ادارتهم الذاتية في حيز جغرافي فيه يمكنهم التعبير عن ذاتهم وخصوصياتهم بكل حرية على مثال النظام الفد رالي السويسري وفي مختلف المناطق بما فيه في اقليم كوردستان ...لانه ما يشهده لنا الواقع، هو ان بدون خطوات جدية موسساتية تساهم في اعادة بناء الثقة وادارة شؤونهم المحلية بذاتهم ، لا يمكن ضمان بقاء المسيحيين الاصلاء في المشرق، والعراق هو بين اوائل البلدان الذي سوف يخسر هؤلاء بالكامل ...
١٢- علاجا واحدا يمكنه ان يساهم وبقوة في تحقيق هذا المطلب واعادة الامل والقوة الذاتية لا بل العودة الى الديار طوعا هو وحدة كنسية ستراتيجية وذلك يكمن في وحدة الرؤى والمواقف والخطاب في المطالب والقرارات المصيرية موحدة بين جميع رؤساء الكنائس والطوائف المسيحية والحراك المدني المسيحي المدني في العر اق والشرق لتعضيد هذا الوجود واعادة الشعوربتنظيم وجود مسؤول باهتمام القيادات الكنسية واناطة الجانب المدني بالمسؤليات السياسية المدنية في تفاعل وتبادل للاراء. أما تفاقم التباعد وتغذية الخلافات بين مختلف الطوائف لا يخدم الا مشاريع المزي من التشتيت للمسيحيين بدلا من تثبيتهم في ارض اجدادهم لمواجهة التحديات بقوة الله وبعمة المسيح وارشاد الروح القد س آمين.