تعرض الوضع الأمني في البلاد امس الى انتكاسة جديدة تجسدت بانفجار 17 سيارة ملغمة قتلت 54 شخصا وأصابت 230 اخرين، كانت حصة العاصمة بغداد الأكبر حيث تعرضت العديد من مناطقها الى التفجيرات، وسط فشل امني جديد لمنع حصول التفجيرات، واكتفت قوات الأمن امس بقطع الطرق والشوارع، ما خلق زحامات شديدة عرقلت وصول الأهالي الى أماكن عملهم صباحا وأثناء عودتهم مساءً.
ورغم العدد الكبير للضحايا الذين قتل او أصيب معظمهم في غضون هجمة استمرت نحو ساعة ونصف، لم يصدر اي رد فعل حكومي معقول سوى بيان للداخلية طلب من المواطنين "التعاون" لوقف العنف.
وأصدرت بعثة الأمم المتحدة في العراق بيانا أعربت فيه عن قلقها العميق جراء تصاعد معدلات العنف التي باتت "تضع البلاد امام خطر العودة الى الفتنة الطائفية"، مشيرة الى ان "العراق ينزف جراء العنف العشوائي".
وجاء هذا اليوم الدامي بعد اسبوع على تعرض سجني التاجي وابو غريب الى الشمال والغرب من بغداد الى هجوم مسلح تخللته اشتباكات تواصلت لساعات، تمكن خلالها مئات السجناء من الهروب، بينهم قادة كبار في تنظيم القاعدة.
وقال مسؤول امني رفيع المستوى لفرانس برس ان هروب هؤلاء السجناء وضع البلاد على عتبة "أيام سوداء"، إذ ان السجناء الهاربين يسعون الى القيام "بعمليات انتقامية".
وفي تفاصيل هجمات امس قالت مصادر مسؤولة لفرانس برس ان 12 سيارة مفخخة وعبوة ناسفة استهدفت مناطق متفرقة من محافظة بغداد، بينما انفجرت خمس سيارات ارخى في الكوت (160 كلم جنوب بغداد) والسماوة (280 كلم جنوب بغداد) والبصرة (450 كلم جنوب بغداد).
وأوضح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية ان الهجمات التي وقعت في أوقات متزامنة بدأت عند الساعة 07,السابعة والنصف صباحا، وأضاف ان 34 شخصا قتلوا وأصيب اكثر من 130 بجروح في الهجمات داخل مدينة بغداد التي استهدفت معظمها مناطق شيعية، بينما قتل شخصان وأصيب 15 بجروح في انفجار المحمودية (30 كلم جنوب بغداد).
واستهدفت السيارات المفخخة في العاصمة مناطق البياع (غرب) والرسالة (جنوب غرب) والصدر (شرق) والحرية (شمال) والشرطة الرابعة (جنوب) والكاظمية (شمال) والطوبجي (شمال) وأبو دشير (جنوب غرب)، فيما انفجرت العبوة الناسفة في شارع فلسطين (شرق). وقال مصور فرانس برس ان انفجار السيارة في مدينة الصدر عند حوالى الثامنة صباحا والذي قتل فيه خمسة أشخاص وأصيب 17 بجروح، استهدف عاطلين يبحثون عن فرصة عمل، وادى عصف الانفجار الى قذف حافلة صغيرة الى اكثر من عشرة امتار عن موقع الهجوم الذي خلف حفرة كبيرة في المكان.
وبعد وقت قصير، انفجرت سيارة ثانية في منطقة الحبيبية في مدينة الصدر قتل فيها أربعة أشخاص، وذلك على بعد حوالى كيلومترين من موقع الانفجار الأول، وعلى مقربة من محال تجارية أصيبت بأضرار كبيرة.
وفي هجمات وقعت في مناطق أخرى من البلاد، قتلت سيارتان مفخختان في الكوت ستة اشخاص وأصابت 57 بجروح، فيما قتل شخصان اخران وأصيب 10 بجروح في السماوة، وقتل اربعة اشخاص وأصيب خمسة في البصرة.
وفي بيجي (200 كلم شمال بغداد)، قال ضابط برتبة مقدم في الشرطة ان "خمسة اشخاص بينهم ضابط برتبة مقدم في الشرطة وابنه قتلوا جراء انفجار عبوة ناسفة استهدف دوريتهم على الطريق الرئيسي في بيجي"، وقتل ضابط برتبة نقيب في قوات الطوارئ بانفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته الخاصة غرب مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد).
وأكدت مصادر طبية رسمية لفرانس برس حصيلة ضحايا تفجيرات امس والتي بلغت 54 قتيلا ونحو 230 جريحا.
ويشهد العراق الذي يعيش سكانه على وقع اعمال القتل اليومية منذ اجتياحه على ايدي قوات تحالف دولي قادته الولايات المتحدة عام 2003، موجة عنف متصاعدة حيث قتل اكثر من 2500 شخص بين نيسان/ابريل وحزيران/يونيو، وفقا لارقام الأمم المتحدة.
ومنذ بداية تموز/يوليو، قتل اكثر من 790 شخصا في البلاد في اعمال العنف اليومية، بحسب إحصاءات شبه رسمية.
وقالت وزارة الداخلية في بيان امس إن "البلاد أصبحت في مواجهة حرب معلنة تشنها قوة طائفية دموية تهدف إلى إغراق البلاد في الفوضى وإعادة إنتاج الحرب الأهلية التي تجاوزها العراقيون بتضحياتهم ووعيهم، ما يستدعي تضامنا كاملا بين الأجهزة الأمنية والحكومية والمؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية لمواجهة الحرب الشعواء التي تأخذ طابع الإبادة الجماعية".