في مؤتمر للجامعة الامريكية بأقليم كوردستان
- السيد وليم وردا يستعرض تحليليا ستة مضامين تتعلق بالمعالجات الجارية ما بعد صفحة الارهاب التي طالت العراق في اطار التحديات الانسانية والحوكمة الشاملة في ظل المخاطر المتعلقة بالمناخ في العراق والشرق الاوسط مركزاً على ديناميكيات الامن المحلية والحوكمة الشاملة في نينوى.
- الاشارة الى مكامن النجاح والفشل في تأمين العودة الامنه للنازحين
- تاشير الاليات اللازمة لتحقيق العدالة الانتقالية وضمان شروط السلم الاهلي في مناطق العودة
- وردا يتناول الضمانات السياسية والدستورية لتحسين مستوى ثقة الجمهور بالحكومة
- قَدَمَ السيد وليم وردا مسؤول العلاقات العامة في منظمة حمورابي لحقوق الانسان توصيفاً واقعياً لستة مضامين حقوقية تتعلق بالمعالجات مابعد صفحة الارهاب التي طالت العرا ق .
طروحات السيد وردا هذه ، جاءت خلال مشاركته في مؤتمر للجامعة الامريكية في كردستان عقد في دهوك يوم 15ـ تشرين الثاني 2021 ، ولأهمية ماجاء في طروحاته ننشر نصها الكامل:-
س/ ما هي افضل ثلاث نجاحات رئيسية وثلاثة فشل في جهود الحكومة والمجتمع الدولي لضمان عودة كريمة وآمنة للنازحين ؟
- الحكومة والمجتمع الدولي نجحا في هزيمة داعش عسكريا ، واستعادة الارض والممتلكات وكل ما احتله داعش للسكان الاصليين .
- تأمين المناطق التي احتلها داعش من المتفجرات والالغام وتوفير بيئة امينة تشجع العودة .
- اعادة فتح المؤسسات التعليمية والصحية والخدمية للعمل باسرع وقت وارجاع الناس الى وظائفهم ودوائرهم .
اما عن الفشل
- التلكؤ والتأخر في تعويض المتضررين ووضع برامج فعالة لأعادة اندماجهم .
- التلكؤ في في خلق وبناء مصالحة حقيقية وبناء الثقة وتعزيز التماسك المجتمعي بين المكونات العراقية . صحيح هنالك اعتراف من الحكومة والمجتمع الدولي بوقوع ابادة جماعية لبعض المكونات وجرائم واعمال عنف ترتقي الى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ، لكن مستوى الاستجابة للمعالجة ضعيف .
- التأخير والتلكؤ في اعادة اعمار البنى التحتية في نينوى ، اذ لا تزال الكثير من الطرق وشبكة المجاري والمستشفيات والمدارس والمباني المهمة لم يعاد تأهيلها .
شكرا لمنظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية والكنائس والمؤسسات الدينية الاسلامية التي كان لها الدور الكبير في اعادة الاعمار والتأهيل للعديد من المؤسسات وبناء الدور واصلاحها ، وكذلك المؤسسات الدولية الانسانية ومنظمات الاغاثة الدولية التي عملت على برامج الاندماج والتأهيل وبناء السلم الاهلي وتعزيز التماسك المجتمعي . مثل USAID، GIZ، USIP، HHRO، AIM، هارد لاند ، ومنظمات دولية اوروبية وامريكية عديدة . وفرق المتطوعين المحليين وغيرهم .
س/ هل يتم تلبية متطلبات العائدين بشأن السلامة والامن؟
هنالك عمل وجهود تبذل بهذا الاتجاه، لكن تبقى جهود مبعثرة ، ان لم تنبع من ادراك الجميع بأن الامن لا يمكن ان يتحقق بشكل فعال ومؤثر الا اذا كان أمنا جمعيا . بمعنى ان الجميع وعلى مختلف المستويات الثلاثة ( المايكرو والميزو والماكرو) يجب ان تكون لهم القناعة بضرورة تحقيق الامن والسلم الاهلي في هذه المنطقة .
س/ ما هي رؤيتك لتحقيق العدالة الانتقالية للفضائع المرتكبة ضد الاقليات مع الاخذ بالاعتبار السلام المجتمعي الهش ؟
العدالة الانتقالية تنبع من فرض القانون بشكل عادل ومنصف، بحيث تبدأ من الاعتراف بالخطأ والاعتذار وتعويض المتضررين ، ليس فقط التعويض المادي وانما المعنوي ، ويتم ذلك بأصدار قوانين وانظمة ولوائح تحقق هذه النتيجة (العدالة الانتقالية )، بمعنى اخر ، ان هنالك مواطنين تضرروا ليس بممتلكاتهم واموالهم فحسب ، وانما ان مئات الشباب والشابات فقدوا دراساتهم وتعليمهم ، ينبغي ان نفكر بهم وكيف نعالج وضعهم ؟!! واناس تعرضوا الى صدمات وتروما (خوف) ، امراض نفسية ، معوقين ، ينبغي العمل في كيفية معالجتهم وتأهيلهم . هنالك مشاكل اجتماعية حصلت في مخيمات النزوح وغيرها من التبعات التي لا حصر لها.
هنا يحتاج وعي واهتمام كبيرين من صناع القرار في الدولة بمؤسساتها المختلفة وغيرها بهذه الاوضاع بما فيها طبيعة التعامل مع الناجين والناجيات من ارهاب داعش واسلوب التعامل معهم والتداعيات التي نتجت من اعمال الاغتصاب والسبي وغيرها من الاعمال الفضيعة . لذلك يحتاج عمل جاد على اعادة التأهيل النفسي للمتضررين من داعش واعادة اندماجهم وتسهيل حياتهم . وهنا تأتي ضرورة ان يلعب الوجهاء من شخصيات سياسية واجتماعية وشيوخ ورجال دين .... الخ دورا مهما في بناء الثقة والمصالحة واقناع الناس بان الفكر الارهابي لا جذور له في المنطقة ، رغم الذي جرى من فضائع ، فهي وقعت في غفلة من الزمن لابد من تجاوزها .
س/ ما هي القضايا العالقة التي لا تزال تغذي التوتر بين مختلف مكونات نينوى ؟
ان الذي يغذي التوتر هو التطرف الموجود في المنطقة ، فهو تطرف ديني وقومي وسياسي ، وليس هناك برامج حقيقية لازالة كل هذه الانواع من التطرف . بالمختصر ، نعني ، هنالك قوانين وتشريعات وسياسات شملت على سبيل المثال وليس الحصر مسألة الاراضي والممتلكات ، فهي وضعت على اسس تطرفية دينية وقومية ، ولم تكن بدوافع وطنية ابدا، بهدف التغيير الديموغرافي في مناطق مكونات محددة ولازالت سارية الى اليوم. وحتى عملية رسم الحدود الادارية رسمت بدوافع تطرفية قومية أو دينية من اجل توسع جهة على حساب جهة اخرى اعتمادا على منطق القوة .
ولازالة مقومات التوتر بين مكونات نينوى ، يجب ان تكون هنالك نظرة جادة وعمل حقيقي لأعادة النظر بالقوانين التي بنيت على اسس ونزعات عنصرية قومية ودينية ، وكذلك الى اعادة رسم الوحدات الادارية وتطويرها في مناخ هاديء بعيد عن التطرف الديني او الطائفي او القومي بما يحق الاستقرار والعدالة للجميع وفي خدمة الجميع . وللمعالجة الاعمق ينبغي تأسيس مركز بحثي متخصص للمنطقة من الاكاديميين والمختصين المستقلين للدراسة والبحث بكل واقعية وحيادية عن ظاهرة التطرف والارهاب في المنطقة والوقوف عند اسبابها ودوافعها والعوامل التي ادت الى استفحالها وما هي السبل لعدم تكرارها .
س/ هل يقبل السكان ويدعمون عودة النازحين من الجماعات العرقية او الدينية الاخرى؟ كيف ولماذا؟
نعم هنالك قبول جيد لعودة النازحين من الجماعات العرقية او الدينية الاخرى ، بدليل عودة عوائل مسيحية الى الموصل دون اية معوقات . لكن المشكلة ، هي مدى وجود ثقة للعائدين بالامن والضمانات الموجودة وكم هي مستدامة . وهناك ايضا مسلمين عرب عادوا الى مناطق مسيحية كانوا يسكنون فيها سابقا ومثال ذلك بلدات قره قوش وبرطلة وغيرها ، وتعد بلدتي بعشيقة وبحزاني افضل مثال للتعايش بين المسيحيين والايزيديين . اما عن السؤال لماذا؟ فكما ذكرنا سابقا لأن الارهاب بين المكونات العراقية لم يكن متجذرا او عميقا ، وان الجميع ادركوا في نهاية المطاف انهم الجميع خرجوا بخسارة من كل ما حصل وليس هنالك رابح في العملية وان اللعبة انتهت .
س/ ما نوع الضمانات السياسية والدستورية اللازمة لتحسين مستوى ثقة الجمهور في الحكومة ؟
اعتقد ان اهم الضمانات السياسية والدستورية ، هو تجميد المواد الدستورية أو القوانين أو الهيئات التي تغذي التطرف ، والتي تم وضعها أو صياغتها أو تأسيسها بهدف الانتقام او الاقصاء او التهميش ، وكذلك التركيز على تطبيق القوانين والتشريعات التي تخدم استقرار العراق والمنهج الديموقراطي وتعزيز التعددية والتماسك المجتمعي وحماية التنوع الخ . ومثال على ذلك ، على سبيل المثال وليس الحصر ، الغاء قانون المساءلة والعدالة الذي يجب ان ينتهي ، واعتقد بعد مضي 18 سنة عليه لا حاجة له الان ، ويتبع ذلك الغاء هيئة المساءلة والعدالة ... وغيرها من القوانين التي تمس حقوق الاقليات غير المسلمة ، خاصة بعض المواد الخاصة بالاحوال الشخصية وقوانين تتعلق بالملكية وغيرها .
ودستوريا نرى ضرورة تفعيل المادة 125 من الدستور العراقي ، الخاصة بالضمانات الحقوقية للأقليات ، وضرورة تنظيمها بقانون يضمن حقوق الاقليات السياسية والادارية والثقافية واللغوية . اما الضمانات السياسية ، اذ ينبغي ضمان تمثيل حقيقي للأقليات في البرلمان والمجالس المحلية والحكومة ، كما يجب ان تكون التطمينات والضمانات من الحكومة الاتحادية أو قدر تعلق الامر بحكومة اقليم كردستان حقيقية وفعلية وليست مجرد وعود وشعارات فارغة .