- وليم وردا : السياسة الامريكية والاوربية المرسومة للعراق تأخذ قبل كل شيء مصالحها بعين الاعتبار في العلاقة مع المكونات الكبيرة دون اعتبار لحقوق الاقليات.
- السيد وردا / المكون المسيحي لم يطرح منذ عام 2003 حتى الان أية مبادرة سياسية على الصعيد الوطني يمكن ان تشكل قضية رأي عام او مفتاحا لتأمين حياة آمنة للمسيحيين العراقيين.
في الندوة التي عقدت يوم 5 آب 2024 في اربيل – عينكاوا، برعاية مديرية الثقافة السريانية في اقليم كردستان العراق وبالشراكة مع منظمة اوتو لحقوق الانسان، واستضافت الباحث والناشط وليم وردا مدير العلاقات العامة والإعلام في منظمة حمورابي لحقوق الانسان، أستذكارا لمأساة الابادة الجماعية بحق الايزيديين والمسيحيين والشيعة الشبك والتركمان على يد عصابات داعش الارهابية في نينوى عام 2014.
كرست الفعالية لبحث ومناقشة مصير ومستقبل المسيحيين الكلدان السريان الآشوريين في العراق بعد مرور عشرة سنوات من جريمة الابادة والتهجير والقتل والاغتصاب والسبي التي تعرضوا اليها في الموصل وسهل نينوى، كما تضمنت الفعالية ايضا عرضا لفلم وثائقي على الابادة ومعرضا فنيا يتضمن صور ومشاهد للجريمة.
فقد اشار السيد وردا " ان المكون المسيحي العراقي شأنه شأن بقية المكونات العراقية الأخرى من حيث انه ايضاً ضحية الصراع والنفوذ الإقليمي على العراق وخاصة في اطار التجاذب والتناقض بين السياستين التركية والإيرانية إزاء العراق، وبهذا ان الأقليات غالباً ما تدفع الثمن الأكبر نتيجة هذه الخصومات والصراعات" ، مضيفا " ان الأقليات وخاصة المسيحيين والايزيديين يدفعون ثمن المشاكل الأمنية والسياسية بين بغداد واربيل في اطار المادة 140 من الدستور العراقي، فأن اختلاف وجهات نظر الطرفين في تطبيقها اوجد ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها واغلب هذه المناطق تسكنها أقليات وفي مقدمتهم المسيحيين والايزيديين، وان عدم حسم الموقف من هذه المادة ترتب عليه مشاكل امنية وسياسية واقتصادية وتنموية للمكون المسيحي في محاولاته ومساعيه لإيجاد ملاذ آمن له بعيد عن الخصومات بين بغداد واربيل.
وعلى الصعيد الواقع الذاتي للمسيحيين قال " ان المشهد السياسي المسيحي وطبيعة علاقاتهم السياسية لا تعدو الا مجرد اطار يتضمن سلسلة من الاملاءات من المكونات السياسية والمناطقية الكبيرة، واغلب الفعاليات تخضع لضغوطات امنية وسياسية ، مع الأسف ان رد فعل المكون المسيحي هو في اغلبه ضعيف وغير مؤثر.
أما عن الحراك المسيحي الذاتي ايضاً، فقد اشار السيد وردا "ان المكون المسيحي منذ عام 2003 لحد الآن لم يطرح مبادرة سياسية على الصعيد الوطني يمكن ان تشكل قضية رأي عام او مقترحا لتأمين حياة آمنة للمسيحيين العراقيين. مضيفا " ان المسيحيين اسوة ببقية الأقليات الأخرى تفتقد الى أي نوع من أنواع التضامن الحقيقي بل العكس من ذلك تميز واقعهم بالتشرذم والانقسام وفق المصالح السياسية لهذا الطرف او ذاك، وخضع لتأثيرات مصالح المكونات الكبيرة، مؤكدا ، ام ما يزيد الطين بله " ان ذات المشهد يستنسخ نفسه على صعيد الجانب الروحي ، فالانقسامات بين الكنائس زاد حدة وليس هناك مؤشرات حقيقية للتضامن ، وغياب وحدة الموقف.
وقد ركز السيد وردا على ثلاثة مخاوف رئيسية تؤثر على المستقبل المسيحي في العراق وهي :
1-احتمالية عودة العنف بسبب وجود مخاوف وقلق كبيرين من الصراعات بين مكونات الأقليات في سهل نينوى بعد التحرير في ظل التسلح المليشياوي غير المنضبط والذي يعود الى مرجعيات سياسية متعددة. وكذلك انقسام داخل المكون المسيحي إزاء ذلك ودخول الكنيسة على الخط مما أحدث انقسامات اشد وانعكاس ذلك على العلاقات المسيحية المسيحية.
2-ضعف الموقف الدولي في التعاطي مع حقوق الأقليات، كما ان السياسة الامريكية الأوروبية المرسومة للعراق تأخذ قبل كل شي مصالحها بعين الاعتبار في العلاقة مع المكونات الكبيرة، في حين ان واجبها الأخلاقي والسياسي وبموجب المواثيق والصكوك الدولية الخاصة بحقوق الانسان يلزمها ان تدافع وتتضامن وتنظم حقوق الأقليات.
3-استفحال ظاهرة الهجرة خاصة بعد جرائم داعش المروعة والتي تعد إبادة جماعية تمثلت بكل ابعادها وفي مقدمتها التهجير القسري وطرد السكان من أماكنهم الاصلية وعمليات القتل والاختطاف والسلب وتجريد المواطنين من ممتلكاتهم وحاجاتهم الثمينة، وبالنسخة الابشع بيع النساء والأطفال وارغام الفتيات على الزواج من المسلحين، والاجبار على تغيير قناعاتهم الدينية، وتهشيم ونسف وتدمير الكثير من المعالم الاثارية والرموز الدينية المتمثلة بالأديرة والكنائس ومعابد الايزيديين وجوامع وحسينيات بعض الأقليات المسلمة في سهل نينوى وتلعفر.
وقبل اختتام الندوة أعطى السيد وردا تشخيصا لمواجهة استحقاقات المسيحيين من أجل البقاء وتحديد المستقبل والمصير وسبل الدفاع عن الحقوق وتعزيز الشراكة مع المكونات العراقية الاخرى في رسم حاضر ومستقبل العراق ضمن مشروع وطني يوفر متطلبات العيش الآمن والكريم، مؤكدا على النقاط الآتية:
-لا يمكن ان يحقق المسيحيون شيئا من طموحاتهم وآمالهم ما لم يكن لديهم مشروع واضح المعالم.
- ان تلتقي نخب ونشطاء وقادة رأي المسيحيين كافة على برنامج عمل متكامل وآليات تنفيذية اخذين بنظر الاعتبار ان كل ما حصل لنا وإن كان بعوامل خارجية تتعلق بالمنهج الأصولي ونزعة التسلط والاستحواذ من الآخرين، فأن جانبا مهما مما يتعرض له المسيحيون يتحمله المكون المسيحي نفسه، لأن البعض من خسائرنا سببها وجود نزعات شخصية وسوء علاقات بين نخب المكون المسيحي..
- أن الانطلاق بأي مشروع لضمان الحقوق الدستورية للمسيحيين ويصون مقدراتهم الوطنية ويحفظ هويتهم، لا يمكن ان يتحقق ما لم يكن هناك سعي الى معالجة الاختراقات والتناقضات الحاصلة في توجهات المكون المسيحي، وفي اطار هذا التوجه مطلوب من المسيحيين أن يكونوا قوة ضغط لوضع برنامج واضح الخطوات ينفذ باتجاه تعزيز القوة الذاتية للمكون المسيحي.
-وفي ذات الوقت ضرورة العمل بكل الوسائل المتاحة للضغط على الراي العام العراقي لتصحيح مسار العملية السياسية تصحيحاً يضمن للمكون المسيحي ملاذاً حقيقياً في هذا البلد ( العراق ) او ما يسمى الحماية الحقيقية لهذا المكون بكل ما تعنيه معاني الحماية والتي قد نأتي الى شرحها فيما بعد.
وفي هذا السياق قدم السيد وردا بعض الخطوات المطلوبة للتحرك والعمل وكما ياتي:
-العمل على توحيد الفصائل المسلحة، لان وجود تقاطعات وتناحر بين هذه الفصائل المسلحة وبالأخص ضمن قياداتها يجعل منها عرضة للاحتواء ضمن فصائل سياسية بعضها لا يرتبط بالحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم فحسب بل قد يكون مرتبطا بأرتباطات خارجية.
-العمل على توحيد الخطاب الروحي للكنيسة العراقية وعلى الاقل توحيد الموقف تجاه القضايا المصيرية المشتركة وان يكون هنالك انفتاح وتفاهم على الاقل بالحد الادنى بين القيادات العلمانية المسيحية والقيادات الدينية.
-من الضروري وبشكل عاجل تأسيس غرفة عمليات سياسية للمكون المسيحي تتولى الرد على كل ما ينتقص من حقوق هذا المكون وكذلك تنشيط حالة الرأي العام المسيحي العام في تبني القضايا المحلية التي تحصل في مناطق متفرقة لهذا الطرف المسيحي او ذاك.
-ومن الضروري ان نضع بالاعتبار ما حصل من تجاوزات على الاراضي المسيحية في منطقة نهله، فالتحرك الذي حصل لمواجهة هذا التجاوز كان ضعيفاً جدا ولم يشمل ارادة كل المكون المسيحي، وكذلك الامر فيما يخص ازمة البطريرك ساكو مع رئاسة الجمهورية وسحب المرسوم الجمهوري منه، فأن المكون المسيحي لم يبين موقفا موحدا تضامنيا ولم يواجه الآخر بإرادة متماسكة تشارك فيها كل القدرات المسيحية في الداخل والخارج بحيث يعط للمكون المسيحي ثقله الحقيقي والمؤثر وعدم السماح بتمرير خروقات وتجاوزات وحتى لو كانت صغيرة، لان السكوت على خرق صغير قد يدفع المكونات الكبيرة أو المتسلطة الى التمادي في سياساتها للتجاوز على حقوق المسيحيين والاقليات الاخرى .
كما اضاف السيد وردا العديد من الخطوات والملاحظات الضرورية والاساسية التي توفر حماية للمسيحيين وغيرهم من الاقليات الدينية والاثنية التي تقع على عاتق الدولة العراقية من خلال تطبيق قوانينها وتشريعاتها والتزاماتها الدولية وفق مبادئ القانون الدولي