عبر لقاء مع جريدة النهار اللبنانية ، مديرة العلاقات العامة في منظمة حمورابي لحقوق الانسان والوزير السابق، تجيب على اسئلة ، عن الوضع في العراق وواقع المسيحيين والاقليات الاخرى.
جريدة النهار اللبنانية 19 شباط 2011 السنة 78-العدد 24130
اشو لـ" النهار": الاميركيون لا يهمهم أمر الاقليات
كتب بيار عطاالله:
تنفعل وزيرة اللاجئين العراقية السابقة ثريا آشو (باسكال وردة)، عندما تتحدث عن قضية وزير الخارجية العراقي السابق طارق عزيز، وتعود بالذاكرة الى مأساة 250 بلدة وقرية مسيحية ابادها حزب البعث السابق شمال العراق ابان "حملة الانفال"، لاخضاع الثائرين الاكراد عام 1988 فكان ان قضت على الثائرين والقرويين المسالمين، الاكراد والمسيحيين. وتقول ان المسيحيين عانوا الكثير في ظل نظام البعث، وكان عزيز يسخر من حال هذه القرى ولا يكترث لامرها.
هذا الوضع المأسوي دفع آشو والآلاف غيرها الى هجر بلادهم، فامضت سنوات في المنفى قبل ان تعود لتنشط في حقل حقوق الانسان دفاعاً عن الاقليات في العراق، انطلاقاً من موقعها كوزيرة لشؤون اللاجئين اولاً، ثم عبر جمعية "حمورابي" التي شكلتها تحت هذا العنوان، والامور بالنسبة اليها واضحة جداً: "لم يحظ العراقيون حتى الساعة بالفرصة لقيام حكومة تتولى النهوض بالعراق من كبوته، والامر لا يزال في دائرة المساومات والحسابات السياسية الصغيرة".
تتحدث آشو في بيروت عن احوال ابناء جلدتها العراقيين بعيداً من الطائفية وبنفس علماني ووطني، لكنها تشير الى "ان ما تتعرض له الاقليات امر غير مقبول، فالمسيحيون مستهدفون اسوة بالاقليات الاخرى مثل اليزيديين والتركمان وكل الجماعات الموجودة ضمن اكثريات ، وهذا ما يؤدي الى اهتزاز الثقة بالسلطات ويعزز موقف الداعين الى هجرة العراق وترك ارض الآباء والاجداد". وهذا امر ترفضه قطعاً وتؤكد انه "يعبر عن موقف فئة واسعة من العراقيين الذين يعتبرون ان الهجرة ستؤدي الى سيطرة الاكثريات على مناطق خالصة لها وتهجير شعب العراق الاصيل من ارضه". وتشرح "ان المسيحيين كانوا ينتشرون في البصرة والانبار والعمارة وكل انحاء جنوب العراق، وان هذا الانتشار كان مرده الى الحاجة الى خبراتهم كاساتذة واختصاصيين في كل القطاعات، لكنهم اليوم اصبحوا اقلية محدودة جداً في هذه المناطق، وانتقل سوادهم الاعظم الى بغداد ومنها الى شمال العراق وتحديداً الى كردستان وسهل نينوى والموصل حيث يعيشون في مناطق آمنة نسبياً رغم استهدافها بين الحين والاخر بجرائم الخطف والقتل والترهيب".
الفيديرالية العراقية
في رأي آشو ان الاقليات العراقية لا تملك اي مشروع ذاتي لها لا ماضياً ولا حاضراً ولا مستقبلاً. لكنها تستدرك أن مشروع الدولة الفيديرالية العراقية يبدو كأحد الحلول المنطقية لتحصين وضع الاقليات سواء اكانت مسيحية ام تركمانية ام يزيدية. وتشرح "أن ثمة توجهاً بين المسيحيين يدعو الى اقامة حكم ذاتي في سهل نينوى وعاصمته بلدة قراقوش ذات الغالبية المسيحية، وثمة توجه آخر يسعى الى انشاء المحافظة العراقية الـ 19 لهم. في حين يملك الاكراد مشروعهم الخاص ويتنازعون مع العرب على السيطرة على تلك الانحاء مما قد يؤدي الى ان يكون المسيحيون "فرق عملة" وسط هذا النزاع"، وتستطرد "ان الدستور الفيديرالي العراقي يوفر الامكانات للبحث في حلول لمشكلة الاقليات، شرط توافر الارادة الحقيقية للبحث عن حل لدى القوى السياسية الكبرى في العراق والتي تتنازع في ما بينها.
مشكلة الاقليات لا تتجزأ في العراق بحسب الوزيرة السابقة التي تجزم ان اعداد المسيحيين في بلاد الرافدين ليست قليلة، وتشير الى وجود نحو نصف مليون منهم في بغداد حتى الساعة رغم كل الاعتداءات والمشكلات التي يتعرضون لها. والطامة الكبرى في رأيها انهم لا يتمتعون بحقوقهم كاملة بسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة اولاً، وبسبب غياب التمثيل الحقيقي لهم على المستوى التشريعي وفي مؤسسات الدولة. وتشرح "ان قانون الانتخاب العجيب الغريب اساء الى الاقليات وهمشها الى اقصى حد، وخصوصاً المسيحيين الذين صودر تمثيلهم”. وفي ما يشبه مصادرة التمثيل المسيحي في لبنان، تشير الى توظيف التمثيل المسيحي في اللوائح بهدف تحقيق مكاسب ايجابية دون ان يؤدي ذلك الى تأمين صحة التمثيل للمسيحيين العراقيين بمختلف فئاتهم (...).
حقوق على ورق
لا تخفي آشو موقفها المؤيد لصمود المسيحيين في العراق وبقائهم فيه، وفي رأيها ان العمل على تعزيز وجود الاقليات والمسيحيين ضمناً هو المدخل لحفظ التعددية والديموقراطية. وتشدد على اهمية الديموقراطية والحكم العادل في تثبيت الحضور المسيحي، وترى "ان كثراً ممن يتحدثون عن التغيير في العراق ليسوا ديموقراطيين ولا يؤمنون بما يقولون”. وتذكر بان "دستور العراق يعطي الاقليات حقوقاً لكنها حقوق على ورق، وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع الدولي وقادة الرأي العمل لتصويب الامور. والمشكلة الاخرى الاكثر ضرراً للمسيحيين هي انقسام الرأي بين الاحزاب المسيحية ورجالات الكنائس، حيث يتمسك كل فريق باجنداته الخاصة ويرفض التعاون مع الاخر رغم حجم الاخطار المشكلات المحدقة بالوجود المسيحي العراقي. اما محاولات توحيد الرأي فكثيرة على ما تقول "لكن الامر ليس سهلاً لان قسماً لا بأس به من المسيحيين اعتاد ان يكون تابعاً لجهات اخرى اسوة بكل الطوائف".
الوزيرة السابقة والناشطة حالياً في حقوق الانسان زارت لبنان، والتقت عدداً من القيادات المسيحية "للتفكير معاً في مستقبل المسيحيين في الشرق وليس فقط في العراق، لان مصيرنا واحد، ونحن لا نريد ان نلطم ونبكي فقط، بل ان نعمل معاً للبحث عن حلول لمشكلاتنا".
وتخلص الى نقطتين، ان من يدعو الى التظاهر ضد الفساد في العراق هي منظمات المجتمع المدني الصاعدة، اما النقطة الثانية فتختصر بأن الاميركيين لا يدعمون المجتمع المدني ويفضلون العمل مع الاكثريات ولا يهمهم امر الاقليات ولا حقوق الانسان”.