رسالة من الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس-بلاسخارت
من الصعب المبالغةُ في حجم التحديات التي تواجه العراق في الوقت الراهن. فقد تفاقمت الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19 العالمية التي لم يسلم العراق منها.
إنها حقاً أوقاتٌ غير مسبوقة. وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش مؤخراً، فإن الأوقات غير المسبوقة تتطلب اتخاذ تدابيرَ وقائيةٍ غيرِ مسبوقة. إن أُولى الأولويات هي منع الفيروس من الانتشار بسرعة، وأنا أُثني على السلطات الحكومية لعملها الدؤوب على الأرض في السعي لتحقيق هذا الهدف. إلّا أن هذه معركةُ كلّ فردٍ: فلا يمكن لأيّ قَدَرٍ من الإجراءات الحكومية أن ينجح من دون المشاركة الفاعلة من جميع السكان.
وهنا أودّ أن أتذكر الكلمات الحكيمة لآية الله العظمى السيد علي السيستاني، والذي حثّ العراقيين على إطاعة النصائح الطبية بشأن التباعد الجسدي وعدم التجمع بأعدادٍ كبيرة، حيث يرتفع جداً خطرُ إصابةِ الأشخاص بالعدوى ونشر الفيروس. وأُؤكد مرةً أُخرى، كما فعلتُ في المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقدتُه مع وزير الصحة السيد جعفر علاوي وممثل منظمة الصحة العالمية الدكتور أدهم إسماعيل، أنه يجب تجنُّبُ جميع التجمعات الرياضية والثقافية والدينية و/ أو غيرها من التجمعات من أجل احتواء الانتشار السريع لهذا الفيروس.
يُمكن أن يؤدي التباعد الجسدي والنظافة الصحية الجيدة والعزل الذاتي عند الضرورة إلى خسائر كبيرةٍ في الرفاه الاقتصادي والعاطفي. وفي أوقاتٍ كهذه، من المهم أن نتذكر أننا جميعاً نعيش هذا الأمر معاً. ليس فقط جميع العراقيين ومن جميع أنحاء البلاد وجميع مناحي الحياة، بل البشرية جمعاء في الواقع. يجب ألّا يشعر الناس بالحرج إذا اتخذوا الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم والآخرين. ولكل فتاةٍ وفتىً وامرأةٍ ورجلٍ دورٌ أساسيّ في هذه المعركة، وعلينا جميعاً أن نفخر بأداء دورنا. وستحدد الطريقة التي يتصرف بها كل واحدٍ منا في هذه اللحظة كم من الوقت يلزمنا لبدء العودة إلى حياتنا الطبيعية.
هناك أخبار جيدة: نحن نعرف ما يُجدي نفعاً. نحن نعرف التدابير التي إذا ما تمّت مراعاتُها بشكلٍ صحيحٍ بانضباطٍ واتساقٍ وصبرٍ يُمكننا معها احتواء الفيروس واجتياز هذه الأزمة. إن الالتزام بالتعليمات أمرٌ أساسيّ لحماية أنفسكم وأحبائكم والمجتمع ككُل.
لقد اجتاز شعب العراق شدائدَ في الماضي تجعلني أثق بقدرته على تجاوز هذه العاصفة بالتضامن والعزيمة. ويحدوني أملٌ صادقٌ في أن يُدرك القادة السياسيون أخيراً مدى إلحاحية الوضع وأن يجمعوا كلمتهم بروح الوحدة الوطنية. لقد دعا الأمين العام السيد غوتيريش إلى وقف إطلاق نارٍ عالمي فوري للتركيز على ما وصفه بـ "الكفاح الحقيقي من أجل حياتنا". ويقيناً في مثل هذا الوقت، يجب أن تخضع الحزبيةُ والمصالحُ الضيقةُ امام القضية الوطنية الكُبرى وصالح الشعب العراقي.
وتظل الأمم المتحدة إلى جانب العراق أكثر من أي وقتٍ مضى خلال هذه المرحلة الحرجة. وتقود منظمة الصحة العالمية (WHO) المساعدة على أرض الواقع بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني والتدريب. وتنضمّ إليها أُسرة الأمم المتحدة بأكملها حيث تواصل القيام بعملها خلال هذه الفترة من الأزمة.
إننا، وكما يجب أن نكون، متّحدون في تصميمنا على النصر في المعركة ضد COVID-19.
كونوا بأمان، حافظوا على قوتكم، واعتنوا ببعضكم البعض. شكرا لكم.