عقد يوم أمس الأثنين 26 أيلول / سبتمبر 2011، اجتماع مائدة مستديرة حول الاطار التشريعي لحقوق القوميات والمكونات في العراق (الاقليات) في مقر البرلمان العراقي وفي قاعة اللجنة الدستورية، وقد رعى الاجتماع بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بالاشتراك مع لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب العراقي... استهل الاجتماع بكلمة القائم بأعمال رئيس بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) نائب الممثل الخاص للامين العام للشؤون السياسية السيد جيرزي سكوارتوفيتش والتي أكد فيها "ان الامم المتحدة ترحب بالتزام العراق بحماية حقوق القوميات والطوائف العرقية المختلفة بالرغم من التحديات السياسية والامنية العديدة التي تواجهها هذه المكونات، ومع ذلك ما فتأت طوائف المجتمع العراقي تواجه العديد من المشاكل والمعوقات"، مضيفاً "وللاسف فانها أي الاقليات لاتزال هدفاً لاعمال العنف والهجمات القائمة على الكراهية، كما انهم عرضة لمخاطر التطرف العرقي والديني والعنصري" وأكد "انهم يشعرون بالتمييز ضدهم وان حقوقهم وحرياتهم مقلصة، وهم لا يزالون يواجهون العديد من انتهاكات حقوق الانسان".
ثم جاءت كلمة محمد شياع السوداني وزير حقوق الانسان التي أكد فيها "ان أبناء المكونات لم يأخذوا موقعهم في التمثيل وان وزارته تابعت استهداف ابناء المكونات وأقامت مؤتمراً شاملاً في عام 2010 تحت عنوان أطياف العراق مصدر ثراء وطني". كما ألقى ممثل وزير التربية كلمة الوزير محمد تميم الذي أكد فيها ان المكونات العراقية تتمتع بحقوق أكثر مما تتمتع به الجاليات العربية والاسلامية في كندا. وبعدها جاءت كلمة خالد الجياشي من لجنة حقوق الانسان حقوق الانسان في البرلمان العراقي قال فيها "ان الاقليات نجدهم أكثرية في قلب كل عراقي" وبعد الكلمات الافتتاحية عقدت ثلاث جلسات نقاشية، كانت الجلسة الصباحية الاولى حول الحقوق السياسية ادارها السيد جورج باكوس مستشار سياسي ضمن الدائرة السياسية بمكتب رئيس الوزراء عرض فيها الباحث سعد سلوم ملخصاً لمواضيع تتعلق بحماية الاقليات في العراق "التحديات، الاطر اللازمة للحماية، خارطة الطريق".
وقد شملت المناقشات والمداخلات حول المشاركة السياسية والتمثيل في الحياة العامة بالاضافة الى حرية الضمير والفكر والتعبير.
وكانت الجلسة الثانية بعد الظهر حول الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية أدارها الدكتور فاروق عبد الله مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاقاليم، وقد شهدت هذه الجلسة عرضاً لبحث قدمته الدكتورة اسماء جميل رشيد حول حقوق الاقليات في العراق نحو بناء دور فاعل للمكونات الصغيرة تضمن طروحات وافكار جريئة حول حقوق الاقليات وتضمنت النقاشات حول حماية التقاليد الثقافية والعرقية والمحافظة عليها، وحماية وتعزيز الحقوق اللغوية واصلاح مناهج التعليم، بالاضافة الى أهمية ايصال الخدمات والقضايا الاقتصادية.
وقدم مكتب الشؤون السياسية والدستورية ومكتب حقوق الانسان التابعة لبعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق في هذه الجلسة نبذة حول الحماية الدولية للاقليات.
فيما كرست الجلسة الثالثة المسائية والتي أدارها ممو فرحان وزير المجتمع المدني الاسبق، عرضت فيها الدكتورة صبا نعمان بحثاً حول حقوق الاقليات في العراق في اطار التشريع الدولي والدستوري والاثني، وتم مناقشة التشريعات المنصوص عليها في الدستور والتشريعات المتعلقة بمكافحة التمييز (المساواة) وتشريعات خطاب الكراهية.
وقبل اختتام الاجتماع تم وضع ملاحظات ختامية وتوصيات للاطار القانوني واطار للسياسات، ترأس الجلسة مادو أجاريان مدير مكتب الشؤون السياسية التابع لبعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق، وعرض عدد من خبراء الامم المتحدة مداخلات تخص الانتخابات وحقوق الانسان، وقدم السيد مادو ملخصاً عما تضمنه الاجتماع وما خرجت به البعثة من انطباع عن أوضاع الاقليات في العراق.
وقد حضر الاجتماع أكثر من (40) شخصية ناشطة في شؤون الاقليات، ضمت باحثون وقادة مجتمع مدني واكاديميون، كما حضرها ايضاً ممثلون للاقليات في مجالس المحافظات ورؤساء وحدات ادارية، حيث قدم أغلبهم مداخلات وملاحظات وانتقادات ومقترحات مختلفة تم تلخيصها في اطار مقترحات يمكن ان تكون خارطة طريق لتطوير وضع المكونات العراقية (الاقليات).
ويذكر ان السيد وليم وردا رئيس مجلس ادارة منظمتنا، شارك في هذا الاجتماع وقدم مداخلة تضمنت توصيات بما يخدم تطوير وضع الاقليات في العراق.
وفيما يلي نص مداخلة السيد وليم وردا والتوصيات المقدمة من منظمة حمورابي لحقوق الانسان.
مقترحات لتطوير أوضاع الاقليات في العراق
اجتماع مائدة مستديرة حول الاطار التشريعي لحقوق القوميات والمكونات في العراق
البرلمان العراقي – قاعة اللجنة الدستورية
26 أيلول / 2011
مداخلة / وليم وردا
رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان
والمنسق العام لتحالف الاقليات العراقية
باحث بشؤون الاقليات
- المشكلات والتحديات التي تواجه الاقليات تندرج في اطار ثلاثة محاور رئيسية وهي:
1- الهوية.
2- سياسات النظام السياسي ومؤسساته.
3- طبيعة النظام السياسي.
1- على صعيد المحور الاول (الهوية): لكل اقلية خصائص تجعلها تختلف وتتميز عن الاكثرية، وان هذه الخصائص تشكل هوية الاقلية، هذه الخصائص تتركز حول عناصر اللغة والدين والعادات والتقاليد.
جوهر التأكيد على هذه الخصائص يعني الحفاظ على الوجود، ومنع محاولات الاكثرية من طمس هذه الخصائص عن طريق العمل على صهرها في خصائص المجتمع الاكبر.
ان عدم مراعاة لمطالب الاقليات خصوصاً ماترتبط بالهوية وغيرها من الخصائص، هو ماتنبثق عنه المشكلات، فالاقليات ترى ان المساواة تفرض الاعتراف بلغتها حتى ولو كانت لغتها متخلفة قياساً الى اللغات الاخرى من النواحي الادارية والسياسية أو العلمية، فالدين يشكل أحد العناصر الفاعلة والمؤثرة في المجتمعات وهو من المواضيع الاكثر حساسية، وقد ثارت مشكلات كثيرة جراء عدم احترام المعتقدات الدينية للاقليات عن طريق عدم الاعانة في انشاء دور العبادة أو تقويض ذلك الدور، وارهاب ابناء الاقلية الدينية تمهيداً أو تنفيذاً لسياسات التطهير مثل مايحصل للمسيحيين العراقيين في العراق حالياً.
- يرتبط بالهوية ايضاً مبدأ آخر هو ضرورة الاعتراف بالعادات والتقاليد والتي تشكل واحدة من سمات الاقلية، فالعادات والتقاليد هي جزء من ثقافة الاقلية.
- ان التأكيد على العناصر الذاتية للاقلية يبرز في اطار مواجهة محاولات الصهر والاذابة في المجتمع، ولمقاومة محاولات طمس الهوية التي يواجه الاقلية من كيانات اجتماعية أكبر وقد يرتقي هذا النهوض الى حد اعلان التمرد أو الحرب... ومن الامثلة على ذلك ماقام به أكراد العراق في فترة النظام السابق من تمرد ومايقوم به ألاكراد في تركيا حالياً.
2- سياسات النظام السياسي ومؤسساته:
يرتبط بهذا المحور أمرين اسياسيين
الاول: تمثيل أفراد الاقلية في المؤسسات الحكومية والوظائف العامة.
الثاني: نصيب الاقلية في من الانفاق العام. وبرز هذا الامر بشكل اوضح عندما تكون الاقلية مستوطنة في اقليم أو محافظة أو قضاء معين، مما يدفع الاقلية الى المطالبة بتخصيصات مالية مناسبة.
وفيما يخص التمثيل، فأن حرمان الاقليات من التمثيل أو عدم الانصاف في التمثيل يجعل أبناء الاقليات تحت وطأة الشعور بالغبن وبالتدني في المرتبة الاجتماعية (مواطنين من درجة أدنى)، ولما كانت المؤسسات الحكومية تمنح امتيازات، فان حرمان الاقليات من الاسهام في الخدمة العامة وبشكل عام في المراتب العليا يحول بينهم وبين تلك الامتيازات.
3-طبيعة النظام السياسي: الانظمة السياسية الفردية الاوليكارشية ذات الطابع الاستبدادي، تتميز بخصائص تغيب معها حقوق الافراد وحرياتهم الاساسية، الامر الذي تشكل مثل هذه الخصائص بيئة سياسية داخلية ملائمة لنهوض حركات مقاومة من الاقليات تتبنى مجموعة مطالب وقد تعكس قدرة النظام السياسي على الاستجابة لتلك المطالب عن قصد أو لضعف امكانات النظام سواء أكانت تلك المطالب متعلقة بالحقوق السياسية والمدنية أو تلك المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وقد تعكس المطالب بأن تتراوح بين حكم ذاتي أو ترتقي الى الانفصال عن الدولة الأم.
وعلى ضوء هذه المحاور الثلاثة تنحصر أغلب التوصيات أدناه...
"التوصيات"
· فعلى صعيد الهوية وعناصرها الانفة الذكر يتطلب مايلي:
1- تذليل كافة الصعوبات والمعوقات في حصول المؤسسات الدينية وخاصة المسيحية على الاراضي والمشاريع الانمائية الانسانية ذات النفع العام كالمستشفيات والكليات والمراكز الثقافية والاديرة والكنائس والمياتم، حيث تعاني حالياً هذه المؤسسات من الرفض وعدم قبول العديد من طلباتها واحتياجاتها في هذه الخصوص، ويتم وضع الكثير من العراقيل والتعقيدات أمامها.
2- العمل على تعديل قانون الاحوال الشخصية في مواده التي تمس الحقوق الدينية لغير المسلمين والغاء المادة التي تجبر على اسلمة ابناء وافراد العائلة التي يتأسلم أحد ابوابها.
3- يفضل اصدار قانون أحوال شخصية خاص بالمسيحيين والصابئة والايزيديين أو غير المسلمين.
4- ندعو الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان العراق الى بذل كل مافي وسعها للقيام بتوفير الامن للمسيحيين وبقية الاقليات الدينية والقومية من منطلق مسؤوليتها الدستورية.
5- نطالب السلطات الحكومية العمل على اتخاذ تدابير جدية لضمان بقاء المسيحيين وغيرهم من المكونات الدينية والقومية الصغيرة، والعمل على تقليل أو ايقاف هجرتهم من داخل العراق من خلال دعم مقومات وجودهم عن طريق تحسين اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والاهتمام بمسألة مشاركتهم في مؤسسات الدولة تحقيقاً لمبدأ المواطنة والشراكة والمساواة.
6- الاهتمام باللغة السريانية كلغة وطنية عراقية وتطوير التعليم بها في مناطق تواجد الاقليات والاهتمام بالمدارس السريانية وتطويرها.
· وعلى صعيد سياسات النظام السياسي ومؤسساته.
1- ضرورة معالجة التغيير الديموغرافي الذي مارسه النظام الاستبدادي السابق في مناطق الاقليات وايقاف كافة كافة القرارات السابقة والمجحفة بحق هذه الاقليات، التي كانت بقصد تغيير التوزيع السكان وتغيير هوية الارض وسياسات التهميش والغاء هويات مدن وقصبات الاقليات.
وهذا لايتم الا عن طريق الغاء كل تلك السياسات وتأسيس أو تشكيل مجالس المدن من أبناء هذه الاقليات لتكون من تقرر مصيرها، خاصة ان نظام المحاصصة الطائفية والحزبية حرم كثير من ابناء الاقليات في التعيين.
2- ندعو الحكومة الى زيادة تمثيل أبناء الاقليات في المؤسسات المختلفة للدولة، وتسهيل انخراط أبناء الاقليات في المؤسسات الامنية والجيش والشرطة، وضرورة ان يكون القائمين على المؤسسات الامنية العراقية في مناطق الاقليات من أبنائها.
3- نطالب بتشكيل مجلس يعنى بشؤون "الاقليات" ينضوي تحت لوائه عدد من الوزارات تكون مهمتها الاساسية ايلاء الاهتمام بالوضع الاقتصادي والتنموي والتطويري للاقليات في مناطقهم.
4- ضرورة اتخاذ الحكومة خطوات عملية بالتنسيق مع UNHCR وقوات التحالف من أجل عودة اللاجئين العراقيين الى مناطقهم، وبضمنهم الاقليات الدينية العراقية من خلال ضمان أمنهم وايقاف الاعتداءات في مناطقهم.
5- وجود مناطق الاقليات ضمن المناطق التي تسمى (بالمتنازع عليها) ينطوي على اضرار ويلحق الحيف والغبن بحقوق الاقليات، حيث تحرم نتيجة ذلك من فرص التطوير والتقدم وتدفع هذه الاقليات ثمن الصراع بين الاكثريات. لذا ينبغي انهاء هذه المشكلة بأسرع وقت من خلال تشكيل وحدات ادارية خاصة بهم من خلال تطبيق المادة 125 من الدستور لوضع حد لمعاناتهم من هذا الصراع الذي لايعنيهم لامن قريب ولامن بعيد.
· وعلى صعيد طبيعة النظام (طالما ان العراق قد خرج من اطار الاستبداد الى اجواء الديمقراطية).
1- نشدد على تفعيل التزام العراق بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقع وصادق عليها العراق والتي تعزز حقوق الانسان وتضمن حقوق الاقليات.
2- نطالب السلطات الحكومية والمركزية والحومات المحلية بضرورة الاهتمام بمناطق الاقليات وتطويرها وتحسين حالة الخدمات والبنية التحتية وتشجيع الاستثمار فيها.
3- نؤكد على دعم جامعة الحمدانية الفتية في منطقة سهل نينوى ودعم مقومات ديمومتها وبقائها.
4- نؤكد على ضرورة تشكيل لجنة وطنية خاصة بشؤون الاقليات لتعزيز التعايش السلمي المشترك والحوار بين مختلف المكونات الوطنية.
5- نؤكد بأن نزيف الهجرة بين صفوف الاقليات وخاصة المسيحيين والصابئة منهم، يعد خطراً على وجودهم ومستقبلهم، ونطالب بضرورة معالجة مشكلة المهجرين داخلياً وتعويضهم والعمل على اعادتهم الى مناطق سكناهم.
منظمة حمورابي لحقوق الانسان
26/ايلول/2011