المظلومية النسائية وثقافة المتاريس
المظلومية النسائية وثقافة المتاريس
• ما الذي يجمع بين طلاء الوجوه والتقليعات والعنف الاسري
عادل سعد
بالعطر الاخاذ والوجه المدعوم بالفلير ودهون الزينة، وانطلاق الشعر المجعد ، او الهفهاف الذي يمكن ان يتلاعب به النسيم، وبالابتسامات العريضة نكاية بالصرامة ، تلك هي القائمة الشائعة ، بل الطاغية المسوقة لأغلب النساء العراقيات ، سياسيات تحت عباءات احزاب او منظمات او مستقلات يعملن لصالحهن او موظفات خدمة عامة او طالبات كليات ، انها الوصفة النسائية الحالية المشهودة تحت وابل الاعجاب وشراهة الاستهلاك بعد ان بات ادماناً يومياً بينما الحقيقة النسائية المشرفة في مكان اخر تحرص ان لاتعترف بضرورات الاكسسوارات وطلاء الوجوه ، ولكي لا اجيش ضدي ردود الفعل المستنكرة لما قلته ، اجزم انني لست ضد زينة المرأة٦ ، ولكن ضد الافراط في هذه الزينة التي تصل الى قتل البراءة في الوجه النسائي ، والا كيف تحوّل استهلاك الاصباغ النسائية واحداً من معالم الرواج التجاري العام الى جانب مطاعم الوجبات الجاهزة التي انتشرت اعترافاً ضمنياً بالكسل النسائي المقيم في البيوت العراقية ، حتى بات احد علامات المفاخرة الاجتماعية الفارقة ، حماية الانامل من الاتساخ!
على حد مقارنات احصائية مستخلصة من قائمة الواردات
ان العراق يدفع عملة صعبة على شراء مايتعلق بزينة النساء اكثر من قيمة مستورداته من ادوية معالجة السرطان ، ورغم انني لا املك معلومة عن القائمة النهائية لعدد شركات الطلاء والاكسسورات النسائية بل اكتفي بالاشارة الى ان ماكس فاكتر احدى شركات التجميل الامريكية تصرف مبلغ يزيد على 600 مليون دولار سنويا للترويج لبضاعتها في دول الشرق الوسط وتحرص ان تكون السوق العراقية احد ساحاتها، ومادمت اتحدث وفق الايقاع الاحصائي ، راجعوا ارباح الشركات الاوربية ، او شركات من جنوب شرقي اسيا ، وعلى حد معلوماتي المتواضعة ان شركات صينية وتايلاندية وتركية (تكرف) ارباحاً هائلةً من العراق سنويا اذا اخذنا بالمعدل الوسط للكلفة المالية التي تصرفها المرأة العراقية على زينتها شهرياً بحدود 50 الف دينار بما فيها ملابسها ، خاصةً انها اسرع من الرجل في الوقوع بفخ التنزيلات التي تطلقها دكاكين الملابس ومواد وادوات التجميل في اكثر من فصل سنوي واحد ، ويسعفني هنا تشخيص لا يفتقر الى الموضوعية الجزئية يفيد ان التعاسة والنزعة الاستهلاكية شقيقان لا يفترقان ، ولعلها مفارقة مؤلمة حقا مع تفاقم الحس الاستهلاكي العام عند المرأة العراقية تتفاقم ظواهر العنف الاسري ضدها في متواليات من الاحداث الجسيمة على راسها القتل العمد والحرق والتغييب واجبار القاصرات على الزواج والتجريد من الحقوق الاقتصادية وعدم اكمال الدراسة والتمييز السلبي في الحصول على وظيفة مما ادى الى ارتفاع وتيرة البطالة في صفوف النساءمرتين ونصف اعلى من البطالة في صفوف الرجال والزواج (كصة بكصة) ، وظاهرة النهي لابقاء نساء عازبات الى نهاية العمر لمجرد انها رفضت الزواج من احد اقرباء العائلة .
انها مفارقة مؤلمة ان ترتفع في العراق وتيرة العنف الاسري المفجع ضد النساء وتصل الى معدلات قياسية ، وان لا يكون للنساء دور في صياغة السياسات السيادية للدولة العراقية مقابل ارتفاع استهلاك المرأة العراقية لطلاء الاوجه وانتشار اسواق الاكسسورارات النسائية ، الواضح انها الخلطة الاحتماعية غير المتجانسة ، ولي ان اسأل هنا اين الحياء النسائي من موظفات بارعات في قبض الرشوة ، والسطو على المال العام والدخول في الصفقات بعقليات المافيا
ان بامكان هيأة النزاهة ان تشير الى عدد العراقيات المتورطات في ملفات فساد مالي،بعضهن داخل السجون بعد ان حكم عليهن بالجرم المشهود،واخريات هربن الى خارج العراق،بل اين الحياء النسائي من عصابات بعضوية نسائية قيادية على وفق معلومات امنية
بخلاصة تحليلية ، مظلومية النساء العراقيات مظلومية مركبة وتحمل المزيد من التقاطعات والتضاربات ، واذا كان يحلو للمدافعين عن حقوق المراة الاستنفار بوثيقة هذه المظلومية فان من العدالة ان تحصن المراة ارادتها من الافراط في التقليعات والتمسكن لان ذلك عنف مبيت يراد به سحب الانوثة بعيداً عن اولوياتها المرتكزة الى الانتظام في مسؤولية التضامن ضد ظواهر الحرية الساذجة التي تحركها ضغوط التمرد والثعلبة الاجتماعية السائدة بنسخ عديدة ، يمارسها الان رجال ونساء يفتقدون مسؤولية التطهر من ثقافة المتاريس ، وبمعنى مضاف لا يملكون التفويض المنطقي الجمعي لمواجهة الانتهاكات ضد المرأة العراقية .
بوضوح تحليلي ، العراق بحاجة الى عقد اجتماعي مؤسسي لتعزيز حقوق المرأة