· المشاركون في ندوة كولون الفكرية بشأن حقوق الإنسان في العراق يتخذون عددا من التوصيات لوقف الانتهاكات ودعم النازحين والمهجرين قسرا
· ندوة كولون تؤكد أهمية أن يكون هناك ملاذ وطني على امتداد خارطة العراق لحماية التنوع الديمغرافي وتعميق قيم العدالة والإنصاف والشراكة
· المشاركون في الندوة يدعون إلى الاهتمام بمبادئ العدالة الانتقالية وتوصيف ما جرى للمسيحيين والايزيدين بأنه إبادة جماعية
· السعي إلى بناء إطار مؤسسي لمواجهة حالات الطوارئ التي تمثلها انتهاكات حقوق الإنسان في العراق
· العمل على توثيق كل الانتهاكات التي طالت العراقيون والسعي الى تدوينها لكي تكون شاهدا أساسيا في مقاضاة المتسببين بها
أتخذ المشاركون في الندوة الفكرية لنشطاء حقوق الإنسان في الداخل والخارج عددا من التوصيات في ختام انعقادها يومي 26-27 /3 / 2016 بمدينة كولون الالمانية بدعوة من منظمة حقوق الإنسان في المانيا / أومريك والديوان الشرقي الغربي في كولون تحت شعار (دعماً لنضال شعبنا العراقي في تحرير الأرض والدفاع عن حقوق الإنسان ضد التمييز والطائفية ومن أجل عودة النازحيين وإستقرار المهجرين قسراً) ،وقد شارك فيها نشطاء في حقوق الإنسان في داخل العراق وخارجه ، وعالجت ابحاثاً واوراقاً تتعلق بحالة حقوق الانسان العراقي، وما تتعرض له من انتهاكات مستمرة بوصفها نتيجة لسياسات المحاصصة الطائفية والعرقية التي انتهجتها الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 .
لقد ناقشت الندوة في اليوم الاول محورين اساسيين في ورشتين منفصلتين ، الاولى تناولت اوضاع النازحين العراقيين المأساوية داخل العراق ، وموجات النزوح المستمرة ، والعواقب والمعالجات، قدمت بشكل أوراق بحثية منها ورقة قدمها الناشط المدني محمد حسن السلامي ، استعرض فيها عوامل النزوح وتبعاتها ، والهجرات والنزوح الذي رافق العراقيين بعد تأسيس الدولة العراقية ، وعمليات الابادة الاولى التي تعرض لها الاثوريون او الاشوريون في سميل عام 1933 الذي تعد اول عملية ابادة جماعية في تاريخ العراق الحديث ، وعرج الى عمليات النزوح عام 2014 بسبب جرائم داعش والاثار التي خلفها الاجتياح والنزوح .
وقد شارك السيد وليم وردا مسؤول العلاقات العامة في منظمة حمورابي لحقوق الإنسان في هذا المحور مداخلة مستفيضة حول مشاهداته الميدانية بشأن أوضاع النازحين ، مستعرضا الواقع التعليمي المتردي وتسرب الاطفال من المدارس والنقص الموجود في المدارس المؤهلة والضائقة المالية التي يمر بها النازحون بسبب عدم سهولة الحصول على مستحقاتهم المالية بشكل طبيعي حتى الذين كان لهم اموال في بنوك حكومية واهلية اذ لم تستطع الحكومة الى الآن من ايجاد الية ليحصل هؤلاء مستحقاتهم المالية المودعة في تلك البنوك .
كما استعرض السيد وردا الواقع الصحي والإمراض المتفشية والنقص الحاد في وسائل الوقاية والمعالجة ، وتطرق إلى واقع الأطفال والنساء وما تتحمله المرأة من اعباء جسيمة ، وايضا عملية استغلال النازحين من النساء والاطفال والاتجار بهم . كما اقترحت مداخلة السيد وردا بعض الحلول منها العمل على الاسراع في تنظيم عودة النازحين الى مناطقهم المحررة من داعش ، والعمل على بناء الثقة والمصالحة بين المكونات وتوفير الخدمات واعادة البنى التحتية وتشغيل المؤسسات الحكومية بما فيها المصارف الاهلية والحكومية وحث النوادي والمؤسسات الرياضية والشبابية الى ممارسة نشاطاتها ، الى جانب تعويض المتضررين من النازحين . وكذلك فرض هيبة الدولة من خلال فرض القانون وعدم التهاون في اجراءات المحاكم ومحاسبة الذين اشتركوا بشكل او باخر في اعمال التهجير والنزوح ، واعتبار ماجرى للمسيحيين والايزيديين ومنذ سميل 1933 وفق مبادئ العدالة الانتقالية جريمة ابادة جماعية ، واجراء تطبيع في المناطق التي تعرضت الى التغيير الديموغرافي واعادتها الى ما قبل التغيير ، كما تضمنت المداخلة ضرورة اعادة النظر بالقوانين والتشريعات التي تمس حقوق عدد من المكونات العراقية غير المسلمة وخاصة قوانين الاحوال المدنية ، بما فيها المادة 26 من البطاقة الوطنية الموحدة . اما في الورشة الاخرى فقد تم بحث تقرير عن حالة حقوق الانسان بالعراق وسبل تطوير وتنشيط حركة ومنظمات حقوق الانسان العراقية بالداخل والخارج ، وقد قدم الاستاذ عبد الخالق زنكنة النائب السابق في البرلمان العراقي اوراق بحثية بهذا الشأن ، وقدمت حولها مداخلات وتعقيبات من اكثر من 50 شخصية عراقية ناشطة في مجال حقوق الانسان في الداخل والخارج . وفي ختام الورشتين دونت المقترحات والتوصيات
وفي اليوم الثاني من الندوة ، تناول المشاركون في جلسة عامة بحث اوضاع اللاجئات واللاجئون العراقيون في دول الشتات ، الاوضاع وسبل المساعدة والحلول ، في إطار أوراق بحثية للسيد مثنى محمود ، تناولت هجرة العراقيين الى دول الشتات مع كل ما يرتبط بهذه الهجرة من مخاطر وازمات اودت بحياة الاف المهاجرين الى اوربا بشكل خاص ، كما جرى بحث ملف ظاهرة الهجرة الجماعية التي ارتبطت اسبابها بشكل جوهري بسياسات الحكومة العراقية وما نتج عنها من فقدان للامن، وتفشي الفساد، وارتفاع مستويات الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق، وفقدان الخدمات ، وانتشار مشاعر اليأس والعجز وضعف الارتباط بالوطن، وفي أطار ذلك تحدث السيد وليم وردا بمداخلة تناول فيها استعراض عدد من الحقائق ووضع الحلول لها ، فيما يتعلق بالحقائق فقد وضع ستة حقائق مهمة هي ذاتها التي طرحها في مؤتمر براغ في كانون الاول 2015 وهي :-
أولا : ان اغلب المواطنين الذين يهاجرون بلدانهم في الوقت الراهن ،يعيشون حالة من الاحباط في بلدانهم بسبب طبيعة الانظمة الحاكمة التي غالبا ما تكون انظمة قامعة للحريات او فاسدة ومتخلفة . ان هذه الانظمة فشلت في تحقيق احلام وطموحات الجماهير في التنمية المنشودة وبناء دول مدنية عصرية متحضرة، الامر الذي جعل اعداد كبيرة من الناس يبحثون عن البدائل ، فمنهم وجد انه انجع طريقة للوصول الى اهدافهم هي الانخراط في جماعات او حركات ذات توجهات دينية لأجراء التغير ، الا ان تلك الحركات أخذت تدريجيا طابعا متطرفا ، حتى انها نجحت في توجيه الربيع العربي لصالحها .
ان هذا التعصب الديني خلق مناخا لبروز حركات ارهابية لا تؤمن بالغاء الآخر فحسب ، وانما بتصفيته نهائيا . لذلك ، نجد ان الجماعات غير المسلمة تتناقص اعدادها تدريجيا في منطقة الشرق الاوسط ، بسبب تناقص مستوى التسامح الديني ، وتخلخل مقومات التعايش والفهم المتبادل للعيش المشترك .
ثانيا : أن اغلب إن لم نقل جميع البلدان التي يغادرها مواطنوها مهاجرين هي بلدان تعاني من أوضاع مزرية مع انعدام فرص الأمل بالإصلاح و التنمية و هكذا نقول هناك مهاجرين لأسباب اقتصادية و آخرون لأسباب سياسية وأمنية و دينية، ويتطلب هذا التشخيص الاضافه بالقول أن هناك مخططا أصوليا إرهابيا في منطقة الشرق الأوسط يهدف الى أفراغ هذا المنطقة من مواطنيها غير المسلمين وبالأخص المسيحيين سكانها الأصليين ، وبقية الاقليات كالايزيديين والصابئة المندائيين وغيرهم، وقد اشتدت هذه الظاهرة العدوانية الخطيرة منذ عدة سنوات دون أن يعطى لها المزيد من الاهتمام لدراستها ووقف الزيف الذي تمثله. وهنا اود ان اقول ان ما ارتكبته داعش ضد المسيحيين والايزيديين ، يشكل ابادة جماعية وفق معايير القانون الدولي وكل المعايير الانسانية ، لان داعش قامت باعمال القتل والاغتصاب وتحويل الديانة بالقوة والعبودية ، وسلبت ونهبت الممتلكات ، وهجرت السكان من مناطقها الاصلية ، كما قامت بسبي النساء وبيعهن . ولدينا ما يثبت ويبرهن ذلك . كما ارتكبت ذات الاعمال والممارسات وان لم تكن جميعها، ضد الشبك والكاكائية والتركمان والمسلمين الذين لم يؤيدوا ممارساتهم او ممن لم يبايعوهم .
ثالثا: عدم وجود الحماية الكافية للأقليات في البلدان التي فيها اقليات، مما جعل أن اغلب الأقليات الاثنيه و الدينية في منطقة الشرق الأوسط عموما تضع في أسبقيات حاضرها و مستقبلها الهجرة بعيدا عن بلدانها، وقد ازدادت وتيرتها مع تصاعد مستويات العنف والاضطهاد و التسلط وبروز ظاهرتي الميليشيات و الإرهاب في أكثر من بلد عربي واحد.
رابعا: لقد ساهمت الأنظمة الشمولية و الدكتاتورية في تصعيد ظاهرة الهجرة بشكل كبيرا خصوصا مع صدور العديد من التشريعات المتطرفة المنتهكة لحقوق الانسان ، وايضا تهدر حقوق المواطنين غير المسلمين ، وللأسف انها تشريعات تتولاها الحكومات وهذا ما حصل في العراق بصورة واضحة خلال حكم صدام حسين، من خلال قيامه بالحملة الايمانية الاسلامية ، واصراره على عدم تعديل مواد قانونية تقضي باسلمة اطفال الجماعات غير المسلمة في حال اسلمة احد الوالدين ، ومنع تسمية الاطفال الجدد لهذه الجماعات باسماء تشير الى هويتهم الدينية . وتكرر هذه التوجهات في سوريا ومصر، مما تحولت الى ظاهرة في السنوات الخمس الاخيرة بالنسبة إلى سوريا.
خامسا: الإخفاقات التنموية وسياسات القروض وهدر الكثير من الأموال على مشاريع تنموية فاشلة
سادسا: الاستثمار السياسي و الاقتصادي السيئ لظاهرة الهجرة و قد حصل ذلك بالنسخة التركية الأخيرة عندما اندفع أكثر من ربع مليون عراقي و سوري و من جنسيات أخرى بغطاء امني تركي على الحدود الأوربية، واعتقد أن أنقرة قبضت ثمن هذا الاستثمار السياسي من دول الاتحاد الأوربي التي اضطرت إلى الاتفاق مع تركيا بعد أن وجدت أن لا بديل عن ذلك ، كما ان هناك قوى وجهات تحاول استثمار الموضوع لاجل التغيير الديموغرافي لحسابات سياسية مستقبلية .
اما الكلام عن الحلول فانه من المفيد العمل على :
1- أن يكون هناك موقف دولي واضح وحاسم في وضع حد لظاهرة الإرهاب التي تمثلها داعش و غيرها من المنظمات الإرهابية الأخرى وأقول حاسم لان كل التوجهات السابقة التي مارسها التحالف الدولي كانت قائمة على تحجيم هذه المجاميع الإرهابية واحتوائها على رغم كل ما ارتكبته من جرائم إبادة جماعية ضد الأقليات في سوريا و العراق
أن تطهير مناطق الكثافة السكانية الخاصة بالأقليات من الإرهاب و مجاميع العنف المنظم ( الميليشيات) خطوة أساسية تعيد الأمل لهذه الأقليات بالعودة إلى مناطق سكناها التي أجبرت على الهجرة منها
أن هذا التوجه يحتاج الى خطوات لوجستية أخرى تتمثل بقطع مصادر التمويل عن هذه المجاميع المسلحة و الكشف عن المتورطين في تمويل وإيواء قيادات الإرهاب وارى أن يصدر قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن ذلك وفق الفصل السابع بحيث تكون هناك عقوبات على الدول و الهيئات والمنظمات التي لا تلتزم به
2- التأكيد على التزام الدول بحقوق مواطنيها وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وان تكون هناك تشريعات ملزمة داخل كل دولة لاحترام وصيانة هذه الحقوق، و تفعيل النصوص الدستورية الخاصة بذلك كما هو الحال في العراق الذي يتضمن دستوره عددا من المواد التي تضمن حقوق جميع المكونات لكن المشكلة تكمن في عدم تطبيقها، وهكذا ضاعت الكثير من حقوق الأقليات
3- الكف عن سياسة الكيل بمكيالين بالنسبة للدول ذات النفوذ الدولي القوي التي ما زالت تعتمد معايير متناقضة في تقييمها لمبادئ حقوق الإنسان فهي تمتلك علاقات عضوية مع الأسف مع دول لا تتوفر فيها ابسط مبادئ حقوق الإنسان في حين تستخدم هذه الورقة ضد دول أخرى.
4- أن تعيد الأمم المتحدة النظر في سياساتها القائمة ألان لمساعدة الدول تنمويا و أجد من اللازم أن يكون خبراء المنظمة الدولية في خدمة الدول النامية لاعتماد سياسات تنموية تقوم على التنمية البشرية المستدامة و هي تنمية ما زالت مفقودة في العراق و في بلدان أخرى، وارى من اللازم هنا أن يتدخل مجلس الأمن الدولي في إصدار قرارات ذات توجه اقتصادي تصب لصالح التنمية البشرية المستدامة القائمة على العدل و المساواة وتكافؤ الفرص و تكون ملزمه بموجب الفصل السابع.
كما بحث في الندوة وبشكل منفصل ومكثف حالة حقوق الانسان في العراق ضمن محاور متعددة منها ، الاضطهاد السياسي والديني ، الابادة الجماعية، مكافحة الفساد ، حقوق المرأة، حرية التعبير ، ومبدأ المواطنة، فقد جرى اغنائها عبر مجموعة من النشطاء بالمقترحات والتوصيات المحددة والموجهة الى الرأي العام المحلي والدولي، والجهات ذات العلاقة .