- السيد لويس مرقوس ايوب في اجتماع تداولي: لا يجوز تجزئة تسمية سهل نينوى فهو منطقة واحدة متكاملة الابعاد جغرافيا وسكانيا
- السيد مرقوس يشخص خمس نقاط لبطء حملة اعمار منطقة سهل نينوى
- اعمار المنطقة لا يكفي لعودة النازحين والمهجرين وانما ايضا يجب اعتماد العدالة الانتقالية والمصالحة
كان السيد لويس مرقوس ايوب نائب رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان ضمن وفد المنظمة الذي شارك في اجتماع تشاوري انعقد في السليمانية يوم 11/9/2017 بالتعاون بين لجنة المتابعة والتنفيذ للمصالحة الوطنية في مكتب رئيس الوزراء في الحكومة الاتحادية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي ( UNDP)، وكان السيدان وليم وردا مسؤول العلاقات العامة في منظمة حمورابي لحقوق الانسان ويوحنا يوسف توايا مسؤول فرعها في اربيل ضمن الوفد ، وقد تحدث السيد لويس مرقوس ايوب خلال الاجتماع اذ قال:
إبتداء أرفض ماورد من وصف لسهل نينوى بالشمالي والجنوبي. إذ لايوجد إلا سهل نينوى واحد يمتد من جنوب شرق الموصل الى شمالهاوهذه التسميات الواردة بالشمالي والجنوبي هي من أجل تقطيعه سياسياً وتسهيل قضمه بين الفرقاء، وأخشى ما أخشاه أن يكون هذا التوصيف الجديد لسهل نينوى هو ماحصل قبل 100 عام حين قطعت منطقة هكاري الأشورية المسيحية بين تركيا ودولة العراق الجديدة ومنذ ذلك والى اليوم لم يعد بإمكان الاخ زيارة أخيه إلا من خلال جواز سفر؟
في مجال وصف الوضع الحالي في سهل نينوى، فأنا أجده أطرافاً مشلولة لايصلها الدم من القلب وستكون نهايتها البتر إن لم تعالج. بغداد لم تكن حاضرة في مناطق سهل نينوى بالشكل المطلوب منذ عام 2003 ولحد سقوطها عام 2014 وتسليمها لعصابات داعش الارهابية.فإنعاش السهل يتطلب من الحكومة الاتحادية ضخ الدم اليه بصورة كافية لكي يتعافى ويشفى من شلله الحالي والذي ينذر بخطر بتره ؟
وبعد تحرير السهل وجدنا أن البديل لأعماره هو من خلال صندوق الاعمار والبرنامج الانمائي للامم المتحدة الممول من الدول المانحة والذي يترأسه الاستاذ مهدي العلاق، وقد تحقق لنا ذلك من خلال لقائنا بالسيد العلاق في قضاء الحمدانية بصحبة ممثلة الامين العام للامم المتحدة السيدة ليز كراندي ومرة أخرى في حزيران/2016 في بروكسل لمناقشة أوضاع نينوى بعد داعش، إذ تأكد لنا بأن البديل للحكومة الاتحادية لإعمار سهل نينوى وباقي المناطق المتضررة من داعش والاعمال العسكرية هو هذا الصندوق وباقي البرامج من الاستقرار المجتمعي والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة.
ولأن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة قد بدأ أعماله في إعمار البنية التحتية في سهل نينوى وباقي المناطق بعد أسابيع من تحريرها، إلا أننا نؤكد بطىء تنفيذ هذه المشاريع مع تشخيصنا لنقاط الضعف العديدة فيه والتي من الممكن تسبب عدم تحقيق أهدافه الرامية لتعزيز الاستقرار المجتمعي لعودة النازحين، ومن هذه النقاط مايلي :
1- عدم وجود علم بعدد وكلفة وطبيعة المشاريع المنفذة والتي هي قيد التنفيذ لدى الحكومات المحلية في هذه المناطق .
2- عدم وجود مشافهة وتنسيق مع الحكومات المحلية التي هي السلطة الشرعية في هذه المناطق.
3- تعامل البرنامج الانمائي للامم المتحدة بمركزية مع مكتب محافظ نينوى مباشرة دون التنسيق مع الحكومات المحلية.
4- عدم دعوة الحكومات المحلية للحضور في إجتماعات البرنامج الانمائي للامم المتحدة وإقتصار الحضور على مكتب المحافظ فقط .
5- عدم إشراك الشركات والمقاولين المحليين في مناطق سهل نينوى في تنفيذ مشاريع البنية التحتية .
ولهذه الاسباب وغيرها نرى صعوبة في تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع المشاريع ورفع المظلومية وتعزيز الوجود وبناء إقتصاد أبناء مكونات سهل نينوى العائدين من مناطق نزوحهم القسري الذي طال ثلاث أعوام.
التحديات الخدمية كثيرة في مناطق سهل نينوى والتي تعيق عودة المزيد من أبناء هذه المناطق اليها في الايام القادمة، حيث مستوى الخدمات البلدية من الشوارع والمتنزهات ورفع النفايات والانقاض لايرتقي إلى المستوى المطلوب وشحة المستلزمات الطبية في المراكز الصحية والمشافي التي لازالت قيد التأهيل من قبل البرنامج والبطىء في تأهيل شبكات التوزيع للكهرباء مع محطات الرفع. هناك إمكانية لتذليل الكثيرمن هذه التحديات من خلال برنامج الانمائي للامم المتحدة وصندوق الاعمار هي كثيرة إن تم العمل بروح الفريق وبمشاركة الحكومات المحلية بالتخطيط والمتابعة لمشاريع البنية التحتية في مناطقهم الموجودة في مناطق سهل نينوى، وهذا يحتاج الى غرفة عمليات مشتركة من الجميع لكي تصل اصواتنا، لايجب التعويل على حكومة بغداد ونينوى لوحدهما في اعمار سهل نينوى ، بل يجب أن إشراك الحكومات المحلية في غرفة العمليات هذه ( وأهل الحل هم أصحاب المصلحة ) .
أما التحديات السياسية والأمنية فلا نستطيع حلها في هذه الجلسة وأعتقد الحل يحتاج الكثير من الوقت والعمل . كما أن الخلل الإداري في محافظة نينوى وفي السهل نفسه وما أصاب الحكومات المحلية من شلل وتشليل تام لسلطاتها بعد بدء عمليات التحرير مع ظهور جهات أخرى غير قانونية قابضة على السلطة من المؤسسات المجتمعية والدينية والأمنية والسياسية تدعي هي المسؤولة عن ملف الإعمار تشكل تحدي معيق لتقديم الافضل من الخدمات ولعودة أمنة للنازحين الى مناطقهم . لذلك يجب أن يعي كل طرف مسؤولياته وأن لاتتداخل مع باقي المسؤوليات .
التحديات الاخرى في سهل نينوى التي تعيق الاستقرار المجتمعي وتجعل من المخاوف سبباً لهجرة أبناء المكون المسيحي من ( السريان الكلدان الاشوريين) وعدم عودتهم الى مناطقهم بسبب التراكمية التشريعية السابقة للنظام الشمولي بغية تقوية الوضع الداخلي للنظام على حساب مناطق تواجد المكون المسيحي. ومايصدراليوم من تشريعات في هذا الشأن ليس قليلاً .
نعم إن التحدي الأكبر والمخيف للمكون المسيحي بدأ منذ عام 1976 وهو مستمر الى اليوم، حيث يعاني أبناء قضاء الحمدانية وقضاء تلكيف وناحية برطلة وبعشيقة من سياسات التعريب والصهر القومي والفكري والديني( التغيير الديموغرافي)، إذ شهد مركز قضاء الحمدانية ( قرقوش) ومركز ناحية برطلة ومركز ناحية بعشيقة تغييراُ ديموغرافياً مؤدلجاً من قبل النظام الشمولي السابق، حيث حلت ناحية بازوايا الشبكية بقرار من مجلس قيادة الثورة وتم ربط جميع قراها وقصباتها بمركز ناحية برطلة المسيحية ومركز ناحية بعشيقة، وبذلك تم تغيير النسب السكانية في الناحيتين منذ ذلك التاريخ والى اليوم، إذ أصبحت الاغلبية المسيحة في ناحية برطلة اليوم هي الاقلية بسبب هذا التغيير. وهكذا حصل عام 1985 حين حلت ناحية الكلك المتكونة من اكثر من 23 قرية عربية وشبكية وكردية والحقت بمركز قضاء الحمدانية لتصبح الاكثرية المسيحية في هذا القضاء هم اقلية اليوم أمام عدد المسلمين فيه. هذه السياسات إستمرت حتى عام 2000 حين صدر قانون 117 القاضي بإطفاء الاراضي وتوزيعها للعسكريين ليستكمل مسلسل الصهر القومي والديني والفكري والثقافي والحضاري بإنهاء الوجود المسيحي في سهل نينوى وتطبيع أجندات التعريب والاسلمة بصورة ناعمة من قبل الحكومة الاتحادية من خلال الاستمرار في ترسيخ العمل بالتشريعات والقوانين الهادفة إلى قضم الارض والزحف الى ماتبقى منها وإطفائها في المناطق المسيحية والايزيدية ( قرقوش، برطلة ، تلكيف، بعشيقة،) وتوزيعها على فئات مختلفة عرقياً ودينياً عن أبناء هذه البلدات . وهكذا غيب القرار والوجود المسيحي في هذه المناطق ولازال العمل إلى اليوم مستمر في سياسات قضم الأرض وصهر الوجود من قبل جميع الأطراف السياسية، لابل هناك زهو لبعض الفصائل من الحشد الشعبي التي ساهمت بشكل أو بأخر بتحرير مناطق سهل نينوى تحاول استخدام القوة لتطبيق هذه التشريعات والقوانين الخاصة بتزويع الاراضي السكنية والتي تحقق تغييرا ديموغرافياً، والتي كان الجميع يصفها بالجائرة والفاشية اليوم أصبحت لدى البعض تحقق العدالة .
إن التراكمية التشريعية في منظومة القوانين العراقية المسببة للتغيير الديموغرافي في الكثير من مناطق العراق ومنها البلدات المسيحية ذات الخصوصية في سهل نينوى، هي التي يجب العمل على تغييرها لتأمين الحياة في سهل نينوى، وبخلاف ذلك فهي ستكون السبب في عدم عودة المهجرين من ابناء المكون المسيحي والموجودين في بيروت وعمان وتركيا كما هي التحدي والعائق أمام عودة النازح من ابناء المكون الى مناطقه التاريخية.
إن عدم وجود إرادة لدى الحكومة الاتحادية بتغيير تلك القوانين الماسة بحقوق المكونات العراقية وبخصوصياتها العرقية والاثنية وبديموغرافية اراضيها، يؤشر الى وجود مصلحة وأجندة من قبل بعض الاطراف من أجل الابقاء عليها، وهذه الاجندة هي الاجهاز والاستمرار بالزحف على الوجود المسيحي لانهائه . وهنا يكمن الخطر على باقي المكونات، إذا كان البعض من هذه المكونات يدعي الايجابية من الابقاء على هذه القرارات، فأن مصيرها سيكون اسوأ مما يحصل للمسيحيين، لنعي ذلك، مثلما حصل بالامس لليهود واليوم على المسيحيين ، يوم غد سيكون مصير المكون الشبكي والكاكائية والتركماني في هذه المناطق أسوأ مما سيصيبه من سياسات التغييب والصهر والتبشير الديني والقومي في المنطقة .
ليس بإكمال البنية التحية تستقر المكونات في سهل نينوى، وإنما بوجود مصالحة و صراحة حقيقية وإرادة حقيقية لدى حكومة بغداد في تحقيق العدالة المجتمعية وإزالة الظلم وإنصاف الجميع في كل المفاصل .
أتمنى أن يصل ما طرح ألى السادة المعنيين في هذا الاجتماع من أجل تذليل التحديات وتعزيز وتأمين سبل العودة وتحقيق العدالة والشفافية لبناء سهل نينوى متعافى .