التقرير الاولي لمنظمة حمورابي لحقوق الانسان عن فاجعة عرس بغديدا (الحمدانية)
من غرفة عملياتها بشأن حفل عرس بغديدا(الحمدانية) الدامي
- منظمة حمورابي لحقوق الانسان تتابع ميدانياً جهدها الحقوقي بشأن هذه المأساة المفجعة.
- حمورابي تؤشر مجموعة نقاط تجد ضرورة التوقف عندها لإظهار حقيقة ما جرى.
- لملمة الجراح والمواساة تتطلب سلوكاً متوازناً في التعاطي مع الكارثة.
مع مضي الدقائق الأولى من الحريق الدامي الذي اندلع في بغديدا- الحمدانية، مساء يوم السادس والعشرين من أيلول عام 2023، استنفرت منظمة حمورابي لحقوق الانسان كوادرها وأعضاء هيئتها العامة في محافظة نينوى وأربيل في عمل حقوقي و توثيقي ميداني متواصل، مع الحرص على الوقوف عند حيثيات هذا الحدث المفجع وكان فريق العمل الذي تابع الحادث يضم كلا من السيدة باسكال وردا رئيسة المنظمة والسيد لويس مرقوس أيوب نائب رئيس المنظمة والأستاذ وليم وردا مدير العلاقات العامة، كما انضم الى الفريق عدداً من كوادر المنظمة من فروعها في أربيل ودهوك، وأستمع فريق العمل الى شهادات حية من أسر الضحايا والناجين من الحادثة ومن ثم اجرى تحقيقات ميدانية معهم لأكثر من يومين متتاليين، وزار الفريق في الوقت ذاته موقع الفاجعة (قاعة الهيثم لأقامه الاعراس) والتي قضى فيها ما يزيد على(122) شخصاً حتى الان دون الإشارة الى العشرات من المفقودين والجرحى الراقدين في المستشفيات . وجميعهم من الشبان والشابات والأطفال وكبار السن. وبادرت المنظمة من واقع المسؤولية الإنسانية بسلسلة من النشاطات المتنوعة، إذ قدمت التعازي والمواساة لأسر الضحايا وشاركتهم في القداديس التي أقيمت والصلوات التي رفعت من اجل ارواحهم داخل العراق وخارجه، كما حضرت مراسيم التشييع والدفن المتكررة لأكثر من كوكبة في مقبرة القيامة في الحمدانية (بغديدا)، كما شاركت حمورابي في مسيرات الألم بالشموع التي شارك فيها ألالاف من أهالي أربيل وبغديدا، كما حضر فريق المنظمة في مجالس العزاء العديدة التي اقامها ذوي الضحايا والمنتشرة في اغلب احياء بلدة بغديدا.
وانطلاقاً من مسؤولية منظمة حمورابي الحقوقية، تجد ان التعاطي مع هذه الفاجعة ينبغي ان يصب باتجاه اظهار الحقائق كما هي وعن الأسباب التي أدت الى العدد الهائل من الضحايا، وضرورة إعلان بغديدا (الحمدانية) منطقة منكوبة، ويقدم لها كل مستلزمات الدعم و الرعاية والتعويض، وتجد حمورابي أيضا ان من أولويات مسؤولياتها في الرصد الميداني، ان تؤكد بأن هذا الحدث الجلل بحاجة ماسة الى نظرة تحقيقية فاحصة وعلمية تساهم فيها لجنة قضائية مع عدد من الخبراء الجنائيين والعلميين التقنيين لفحص مخلفات الحريق واجراء مقابلات مع الناجين للتعرف عن كثب عن كل تفصيلات ما حدث وضرورة مشاركة ممثلين من المجتمع المحلي للمدينة في اللجنة لزيادة الشفافية والثقة.
وخلال اللقاءات والتحقيقات التي اجراها فريق حمورابي، تعددت الروايات والقصص والتي عبرت عن روح المحبة والفداء والإيثار التي بذلها اهالي الضحايا من أجل أنقاذ الارواح والتي تعبرعن مشاعر يصعب التعبير عنها ، كما استمع الفريق الى قصص اخرى تعبر عن نخوة وشهامة العراقيين، الذين بغض النظرعن الدين او القومية او المذهب، اخترقوا النار من اجل انقاذ أرواح الابرياء، وأيضا الدورالفعال الذي أداه الاطباء في الموصل الذين أجروا عمليات صعبة ومعقدة في وقت قياسي ودفع البعض من اموالهم الخاصة لتوفير المستلزمات الطبية التي تفتقر إليها المستشفيات، من اجل انقاذ حياة العديد.
لقد تركزت رؤى وتساؤلات وطلبات وشكاوى الاهالي التي التقاهم فريق منظمة حمورابي في الحمدانية الى ما يلي:
1 - ما السبب الحقيقي وراء الحريق؟ وكيف يمكن ان يحدث بهذه السرعة لتحاصر النيران الحاضرين بزمن قياسي لا يتعدى مدة زمنية وجيزة، قد لا تتعدى كما ذكر البعض دقائق معدودة بين ثلاثة وخمس دقائق، ويتهاوى السقف الحديدي الثانوي الملتهب على المحتفلين.
2- راود الشك العديد في قانونية استحصال صاحب القاعة التراخيص لأنشائها وأبدوا امتعاضهم وتساؤلهم لتصرفات صاحب القاعة اثناء نشوب الحريق ليقوم بإطفاء مصابيح الإنارة والهروب بعد أخذ جهاز تسجيل الكاميرات معه.
3- اغلب الناجين واهالي الضحايا يرون ان الحادث ليس عرضياً، وإنما هناك شكوك تحوم أن يكون بفعل فاعل، كما كانت هناك اتهامات من أهالي الضحايا بأن سبب الحادث مرتبط بحالة عدم الأستقرار السياسي والامني الذي تشهده المنطقة منذ عام 2003 ولحد اليوم ، وفي الوقت ذاته وجود تنافس سياسي وأمني سائد في المنطقة، متعدد المستويات والإتجاهات والابعاد.
4- عدم رضى جماعي بنتائج التحقيق الذي اعلنته اللجنة التحقيقية التي شكلتها الحكومة، وعدته تقريراً عاماً وتقليدياً، لم يرتق الى مستوى المهنية والعلمية وجاءت نتائجه بشكل سريع لا ينسجم مع ما يقتضي التأني والتدقيق الكافي في اعلان النتائج في مثل هكذا فواجع ، وهذا يتوافق مع ما ذكره الكثير من أهالي الضحايا بأنه على الأكثر لم يتم اخذ عينات لمخلفات الحريق ليتم تحليلها في مختبرات مختصة وعلمية، لمعرفة المواد المستخدمة في الالعاب النارية، وطبيعة المواد سريعة الاشتعال وماهيتها، ولماذا استخدمت في قاعة تفتقر لشروط السلامة والامان،وكذلك الاستفادة من التسجيلات المرئية والصوتية للحادث، والوقوف لدى التفحم الكامل للجثث والبحث عن الصندوق الاسود كما يقال من خلال النظر الى ما وراء الحدث.
5- جميع أهالي الضحايا ممن نجوا من الفاجعة يعيشون تحت الصدمة، فضلاً عن أهالي البلدة والذين لا يزالون يعيشون مع ذويهم وأصدقائهم هول الفاجعة، والتي من المؤكد سيكون لها تأثير سلبي مباشر على الحالة الصحية النفسية والجسدية لذوي الضحايا وأقربائهم، وعلى الواقع الوجودي, والحضور المسيحي بشكل غيرمباشرفي المنطقة، في حال بقيت التحقيقات على مستواها ونتائجها الحالية المعلنة.
ان منظمة حمورابي لحقوق الانسان وهي تواصل ميدانياً عملها بموجب غرفة عمليات مستمرة حقوقية متقدمة ميدانياً، يهمها ان تشير الى عدد من النقاط الجوهرية التي لا يجوز اهمالها باي حال من الأحوال.
أولا: ان الفساد والإهمال والتقصير وعدم المساءلة والمحاسبة ونقص أدوات الطوارئ، هي من أحد الأسباب الواضحة التي أدت الى ما أدت اليه من فاجعة.
ثانيا: لا يجوز استبعاد وجود عمل تخريبي وراء الحادث اريد به إنزال خسائر جسيمة بأبناء سهل نينوى وتكثيف الفزع والخوف لتمرير اجندة سياسية معينة ضد المكون المسيحي بالذات لأهداف تتعلق بمكاسب معينة على حساب أرواح العراقيين.
ثالثاً: ان التقرير الحكومي الذي صدر في اعقاب الحادث بما تضمن من وقائع وتوصيات يظل بحاجة ماسة الى دعم لوجستي بالمعلومات والحقائق الميدانية مع العلم ان اللجنة لم تشير الى اية عينات يمكن الارتكاز عليها بصورة كاملة لتفكيك أسباب الحادث.
رابعاً: تحذر منظمة حمورابي لحقوق الانسان من الاستغلال السياسي للفاجعة، لهذا الطرف او ذاك، والسعي الى تكوين قناعات مزورة، يراد بها خلط الأوراق والاعتياش على ذلك، بعيدا عن القيم الأخلاقية التي ينبغي ان تحكم ما جرى.
خامساً: تتطلع منظمة حمورابي لحقوق الانسان، ان تقوم الحكومة في بغداد بتقديم تقرير أدق وأشمل وعلمي وعادل للوقوف الى جميع ملابسات الحادث المؤلم، كما تنظر بالمزيد من الاهتمام الى اللجنة القضائية التي امر مجلس القضاء الأعلى العراقي بتشكيلها لغرض التحقيق الميداني، ومن المهم جداً ان تضم هذه اللجنة خبراء حقوقيين وجنائيين يتولون الفحص الميداني الدقيق لمعاونة اللجنة القضائية في الاستنتاجات التي تتوصل اليها، ولزيادة الشفافية ولتعزيز ثقة الأهالي بنتائج التقرير، يفضل ضم ممثلين من المجتمع المحلي او منظمات المجتمع المدني العاملة في المنطقة الى اللجنة.
سادسا: توصي منظمة حمورابي لحقوق الإنسان بضرورة العمل على وضع برامج حكومية هدفها تدريب جميع المحافظين والحكومات المحلية من أجل الحفاظ على أرواح المواطنين، ووضع سلامة حياة المواطنين قبل أي هدف آخر خاص او عام. وان يتم فرض وتنفيذ شروط السلامة والأمان في مكان التجمعات ابتداءاً من البيت والمدرسة والدوائر العامة وقاعات التجمع بأشكالها دون استثناء مع الأخذ بالاعتبار، ان العراق لا يفقد أكثر مما فقده، اذا خصص ميزانيات لجلب احدث وسائل الاطفاء لفرضها في جميع المؤسسات والاماكن العمل والتجمع.
سابعاً: توصي منظمة حمورابي بضرورة شمول ذوي الضحايا بقانون ذوي الشهداء او تخصيص رواتب شهرية لفقدان الكثير من عوائل الضحايا معيلهم في الحادث.
ثامنا: تثني منظمة حمورابي على فكرة اقترحها اهل الموصل، وهي ان يتم تغييرغرض ومكان قاعة الهيثم لتصبح مستشفى خاص لمعالجة الحروق في نينوى.
تاسعاً: تثمن منظمة حمورابي لحقوق الانسان بالتقدير والامتنان لكل المواقف المناصرة والداعمة ميدانياً لمعاونة أسر الضحايا وتقديم العون للمصابين في الحريق، وهي اذ تشير الى انها نظمت جولات على المستشفيات في أربيل والحمدانية تفقدت فيها أوضاع المصابين وتعرّفت على قصص مشرّفة للتضامن والنصرة والمواساة تجد في هذه المواقف الوطنية والإنسانية النبيلة عناوين للمواقف العراقية القائمة على النخوة الاصلية.
ان الحدث على قسوته برزت فيه ملاحم وبطولات تصلح ان توثق في الادبيات والكتب التي تحكي عن شهامة العراقيين وانسانيتهم، وسوف تصدر حمورابي تقريرا مفصلا بذلك معززا بالأسماء والتفاصيل الاخرى .
منظمة حمورابي لحقوق الانسان
غرفة عمليات العمل الحقوقي الميدانية
في الحمدانية
6/10/2023