اعياد الميلاد .. والمسوؤلين العراقيين
في ليلة الميلاد قرعة أجراس الكنائس في العراق واعلن الشعب المسيحي بوجوده وتحدية للاوكار الرذيلة والارهاب، قائلا ً وبكل تواضع إننا هنا وباقون وابواب الجحيم لم تقوى علينا.
رغم التحديات الكثيرة التي يتعرض لها شعبنا في مثل هذه المناسبات الا انه اصر على الاحتفال بعيد ميلاد رجل السلام والتسامح الرب المخلص (يسوع المسيح) له المجد، كما سيحتفل بعد أيام بعيد رأس السنة الجديدة، ويودع شعبنا عام 2013 الذي كان عام الرحيل والهجرة والتهديد يضاف الى الاعوام السابقة الآخرى، فضلا ً لمحطات غير سارة في جوانب متعددة وفي مقدمتها الانتهاكات اليومية.
هذا العيد كان له اهتمام بارز من قبل المسؤولين في الحكومة العراقية، وحكومة أقليم كوردستان من خلال توفير الحماية اللازمة لجميع الكنائس، مما ولد ارتياح وطمأنينة وفرحة كبيرة في صفوف الشعب المسيحي الذي هو في امس الحاجة الى مثل هذه الإجراءات، لكونه يشعر بالتهميش وعدم الاهتمام منذ عام 2003 ولغاية الان مما اجبر الكثير من ابناء هذا الشعب المحب للعراق وترابه على الهجرة وعدم العودة الى الوطن.
وفي هذه المناسبة كان الحضور حاشدا ً وكبيرا ً جدا ً لا سيما في كنائس مدينة عنكاوا بمدينة اربيل حيث اقيم احتفال الميلاد في عشر كنائس في وقت واحد .. كما جرى نفس الاحتفال في دهوك والسليمانية وسهل نينوى وكركوك وبغداد وميسان مما يعطي دليلا ً على حبهم وولائهم لطقوسهم المقدسة رغم خطورة وضعهم من قبل الاوباش، وكما كان الارتياح واضحا ً على رجال الدين الاجلاء الذين طالبوا الجموع بالصبر والوفاء والتمسك بتربة الوطن وعدم المغادرة.
ومن جانب آخر كان حضور المسؤولين ومن ديانات آخرى للقداس الالهي في مدن بغداد وعنكاوا وبغديدا وسهل نينوى وميسان له اثرا ً رائعا ً وجميلا ً اعطت لهذه الحشود الراحة والسعادة واثنوا على روحية وشعور هؤلاء المسؤولين.
والحدث الاهم كان عندما اعلن الناطق الرسمي بأسم حكومة أقليم كوردستان بأن أيام ( 25 – 26 ) ستكون عطلة رسمية في كافة دوائر الاقليم .. وبعدها اعلنت الحكومة المركزية بتعطيل الدوام الرسمي في العراق كافة لمناسبة عيد الميلاد المجيد تلبية لدعوة البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم .. ولاول مرة في تاريخ العراق يكون عيد المسيحيين عطلة رسمية لجميع العراقيين .. كما ارسلت البرقيات التهنئه من الرئاسات الثلاثة ورئيس الاقليم، والمؤسسات الدينية في العراق، مما اعطى ارتياح كبير في صفوف المجتمع المسيحي في العراق.
ان هذا الاهتمام يجعل المواطن يشعر بأن هناك امل في البقاء ما دام انه محط اهتمام وتقدير من قبل الجهات المسؤولة في الحكومتين لا سيما زيارة مناطقهم والوقوف على احتياجاتهم، والتصدي لاي تجاوزات او انتهاكات تمارس ضدهم وفي مقدمتها السياسية والاقتصادية والدينية والقومية والاجتماعية، وفي حال استمرار الحكومة على هذا النهج ستكون هناك مردودات أيجابية في ساحة شعبنا في المستقبل، وفي الوقت نفسه، وتكون خطوة رائدة لإحياء روح التعايش وتقبل الآخر وبناء المشتركات، واعادة اللحمة الوطنية، وانهاء فكر التطرف الطائفي، وتحرير هذا الفكر لصالح الفرد والمجتمع، ومن ثم يشترك الجميع في عملية التصدي للمجرمين والارهابين، ويساهموا في بناء مجد الوطن.
ان اعداء العراق يصرون دائما على زعزعة الوضع العام في الدولة من خلال العمليات الارهابية المنظمة التي تستهدف الشعب العراقي عن طريق تغذية الصراعات الطائفية التي يراهنون عليه دائما ً، ناهيك عن قيامهم بعمليات الاغتيال والتفجيرات العشوائية ضد ابناء المكونات وعموم الشعب العراقي، وتشجيع الفاسدين من منتسبي المؤسسات الحكومية، وللرد على هذه الاعمال هي ضرورة التصدي الحازم لهم، ودعم كافة قطاعات الشعب ومؤسساته المخلصة لإنهاء وجودهم، والانطلاق للتعزيز المستقبل الديمقراطي المزدهر لبلدنا.
واقدم الظلاميون على جريمة آخرى في صبيحة الاحتفال بعيد الميلاد من خلال قيامهم بعدد من التفجيرات في العاصمة العزيزة بغداد ومنها انفجار لم يكن قريب من كنيسة مار يوحنا المعدان في مدينة الدورة، سيبقى كل العراقيين ومنهم شعبنا يستنكرون هذه الافعال الجبانة بحق الابرياء، وليعلم من لا يريد ان يعلم .. نقول لكل الاوباش بإننا سوف نحتفل بأعيادنا ونمارس طقوسنا .. وسنبقى في العراق، ممكن ان يقل عددنا لكننا باقون.
تحية الى غبطة البطريرك لويس ساكو جزيل الاحترام لمناشدته الحكومة بتعطيل الدوام لهذا الحدث العالمي الكبير في حياة الشعوب المسيحية، ومنهم شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والارمني في العراق، ونثمن دوره في المطالبة المستمرة بحقوق شعبنا في الوطن وحرصه على التآخي والعمل المشترك .. تحية الى كافة رجال الدين الذين كانوا بمستوى رائع من خلال كلماتهم ومشاعرهم الصادقة .. وتحية الى كافة المسؤولين في الحكومة الفدرالية وحكومة أقليم كوردستان على هذه الالتفاتة الكريمة الطيبة، وندعوهم الى المزيد من الاستحقاقات الوطنية لضمان تمتع أبناء شعبنا بحقوقهم، ومساعدتهم في البقاء والتصدي لتلك الجهات التي تريد ان تنال او تقطع طيف فريد من اطياف المجتمع الذي له مكانة ناصعة في تاريخ وادي الرافدين من خلال قيام المجاميع الحاقدة بأعمال ارهابية تستهدف حياة المسيحيين وممتلكاتهم في البلاد.
وانتهز هذه الفرصة لاتقدم الى ابناء شعبنا بالوطن والمهجر بأجمل التهاني والتبريكات بمناسبة الاعياد المجيدة، متمنيا ً ان يكون العام الجديد عام الاستقرار والسعادة لجميع العراقيين.
Hamid_murad@yahoo.com
Hamid Murad
www.ihrsusa.net