ناشط مسيحي يطلق مناشدة عبر (الزمان) لتنظيف كنائس الموصل القديمة من جثث الدواعش
December 27, 2017
الموصل – سامر الياس سعيد
اقام مسيحيو مدينة الموصل قداسا لاول مرة بعد رحلة تهجيرهم التي امتدت لثلاثة اعوام ونصف العام وذلك في احدى كنائس الجانب الايسر ممن كانت تعد احد معتقلات تنظيم الدولة الاسلامية حيث حولها التنظيم الى سجن للمعارضين لاحكامه وشرائعه فاحتفظت ببنائها رغم انها ايضا تعرضت للتخريب والعبث وسرقة محتوياتها لكن في المقابل عانت كنائس الجانب الايمن من اوضاع مزرية خصوصا بعد ان نال هذا الجانب نصيبه من التحرير فغابت الجهود المدنية بعد تحرير الجانب الايمن ومضي اكثر من ستة اشهر حيث بقيت جثث الدواعش تملا اهم وابرز كنائس المدينة وهي كنيسة تاريخية يرقى تاريخ تاسيسها لزمن حواري السيد المسيح وقد حظيت الكنيسة مؤخرا بزيارة منظمات تعنى بحقوق الانسان فضلا عن منظمة دولية وهي منظمتي حمورابي ومنظمة التضامن المسيحي وعن تلك الزيارة تحدث للزمان الناشط لويس مرقوس نائب رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان متناولا زيارته للجانب الايمن حيث قال كانت زيارتنا لعدد من أحياء الموصل في الجانب الايمن ( حي الشفاء، حضيرة السادة، الميدان، الساعة، الفاروق، الدواسة، الخزرج- المياسة، شارع نينوى، شارع الكورنيش، الدواسة) وكذلك زرنا عددا من الكنائس الواقعة في الجانب الايمن ، كانت اول المحطات هي زيارة لكنيسة الطاهرة للسريان الارثوذكس في حي الشفاء التي سويت بالارض ولم يعد شيئاً منها وتم تحويلها الى كراج للسيارات ومكب للنفايات .
محال تجارية
المحطة الثانية كانت زيارة كنيسة اللاتين مروراً بحي حضيرة السادة حي الجامع الكبير (جامع النوري) الذي اسقطت منارته من قبل داعش، وضع الدور السكنية والمحال التجارية سيء جداً مما اصابها من حجم الدمار، بعض الدور والعمارات السكنية سويت بالارض هي الاخرى وتنبعث روائح نتنة منها إشارة الى وجود جثث لموتى تحتها.
كنيسة اللاتين هي الاخرى اصابها الدمار في الكثير من أياتها الروحية وايقوناتها الأثرية ومنها ساعة البرج والصلبان التي اسقطت جميعها بفعل معاول داعش، كما ازيلت الكثير من معالمها بعد ان نهبت مقتنياتها، ولازال هناك مقذوفات عسكرية فيها غير منفلقة تشكل خطرا يجب رفعها من قبل مفارز الهندسة العسكرية .
أما وصولنا الى كنيسة مارتوما الاثرية بشقيها القديم ( للسريان الارثوذكس) والجديد ( للكاثوليك) كان من خلال الازقة الضيقة التي تحيط بهما والتي بعضها مغلق بسبب السيارات المحروقة او الاثاث المتروك والمرمي فيها، تعتبر كنيسة مار توما للسريان الارثوذكس مأثراً حضارياً عراقياً وليس مسيحياً فقط وذلك لعراقتها وقدمها وكونها أول كنيسة بنيت في الموصل بعد انتشار الإيمان المسيحي فيها على يد القديس مار توما عندما زارها وهو في طريقه الى ساليق ومن ثم الى بلاد فارس فالهند، هي أية عمرانية في بنائها وتاريخها الذي يرتقي الى القرون الاولى الميلادية.
وتابع مرقوس عند وصولنا الى الكنيسة وكان ذلك من خلال مدخل كنيسة مارتوما للسريان الكاثوليك ، وجدنا أن الكنيستين مارتوما القديمة للسريان الارثوذكس والكنيسة الجديدة للسريان الكاثوليك في حالة يرثى لها هي ، حيث العبث في محتويات الكنيستين واضح للعيان وفي كل مكان، الكتابات على جدران الكنيسة تشير الى عنجهية ودونية فكرية من قبل دولة الخرافة في تشويه المعالم الروحية في الكنيستين، كما الحفريات والانفاق التي حفرت في الكنيسة القديمة تشير الى انها كانت مركز اقامة وجود لقادة الدواعش واسماء البعض منهم على جدران الكنيستين تشير الى انهم أجانب من هويات ( أسترالية وكوسوفية ) ، بينما خلفت العمليات العسكرية اعداد من جثث الدواعش منتشرة في باحات الكنيستين واروقتهما وهي متفسخة تبعث منها رائحة نتنة / كما بعض الجثث قد تحولت الى اشلاء بسبب الكلاب المنتشرة والتي اعتاشت على لحومها. وهذا لايبرر بقاء الجثث داخل تلك الكنائس لان ذلك سينعكس سلباً على عودة العوائل المسيحية الى المدينة ويعزز فقدانهم الثقة بالحكومة المحلية في ترسيخ قيم التعايش السلمي في الموصل ويؤكد فشلها في إدارة الاجهزة الادارية والخدمية في المحافظة لتعزيز عودة جميع العوائل النازحة من مختلف مكونات الموصل وبضمنهم المسيحيين الذين تعرضوا لاشرس حملة ابادة منذ عام 2004 ولحد دخول داعش الى الموصل حيث تم اخلائها منهم تحت نير السيف بالقتل والاستعباد والسبي والاسلمة القسرية .
روائح منبعثة
واضاف نائب رئيس منظمة حمورابي لم نستطع الدخول الدور السكنية لان الجهات الامنية كانت تحذرنا من ذلك، لكن الروائح المنبعثة من تلك الدور والمحلات التجارية والعمارات السكنية التي اصبح الغالبية منها ركاماً يزكم الانوف لوجود عشرات الجثث وربما اكثر باقية متفسخة تحت الانقاض .
{ تلاحظون بروز الكثير من المبادرات التي تقيمها جهات مدعومة من عدد من المسؤولين بما يخص الكنائس هل لكم مناشدة بالالتفات الى كنائس الجانب الايمن من اجل تنظيفها والاهتمام بواقعها ؟
-أعتقد أن ضعف الاداء الحكومي في الموصل تجاه رفع الانقاض و واخلاء الجثث من تحت الانقاض في الجانب الايمن من الموصل وخصوصاً في هذه الاحياء السكنية من المدينة القديمة التي كانت اخر معقل لوجود داعش فيها والاسلوب العسكري الذي اتبع في القضاء على تحشدات داعش، قد خلف تركة كبيرة من الانقاض تحتاج الى جهد أكبر من امكانيات الحكومة المحلية التي لوحدها لاتستطيع إنجاز المهمة، لذلك الجانب الايمن يحتاج الى جهود كثيفة من الحكومة الاتحادية ومن باقي المحافظات العراقية لتحشيد طاقات هندسية لرفع الانقاض وفتح الطرق إذ لازال هناك عدد من الكنائس و الكثير من الاحياء لايمكن الوصول اليها بسبب غلق الطرق المؤدية اليها وقد تكون غير مؤمنة بسبب وجود المقذوفات العسكرية فيها، وايضاً الجانب الايمن بحاجة الى حملات دعم من المجتمع الدولي والى مبادرات منظمات المجتمع المدني في ذلك .
أما بخصوص الكنائس فهي تحتاج الى التفاتة شجاعة صريحة وواضحة من الحكومة ومن المنظمات الدولية خصوصاً اليونسكو للقيام بتأهيلها وترميمها لأن الكثير من هذه الكنائس والمساجد تعتبر مأثر تاريخية عراقية مرتبطة بتاريخ وحضارة مدينة نينوى ( الموصل) وهي جزء من موروثها الحضاري والانساني ودليل للتعايش القائم فيها على مدى الاف السنين كونها تعود الى القرون الاولى للمسيحية والاسلام . وقد لمست من لجنة الدعم الحكومي لاعمار نينوى شيئاً من هذا الاهتمام ضمن رؤيتهم لإعمار البلدة القديمة في الجانب الايمن من الموصل ضمن خطتها من صندوق الاعمار لعام 2018-2019.
ازالة مخلفات
*{ كنت عضوا في مجلس قضاء الحمدانية ومازلت وبناء على تجربتك هل ترى قصورا من جانب الجهات الخدمية بشان تلكؤها في ازالة مخلفات الحرب ومنها ازالة جثث الدواعش من هذه الكنيسة ؟
-نعم هناك تلكؤ وضعف واضح في الاداء ، وبعض الاسباب قد تكون فنية بسبب عدم امتلاك الجهات الخدمية في المحافظة الجهد الهندسي الكاف من الاليات والعمال لرفع الانقاض وازالتها من الطرق المؤدية الى الكنائس والاحياء كما ان الوضع في تلك الاحياء يمكن وصفه بالموحش لعدم وجود اثار للحياة فيه، ولم نر ما يؤشر على وجود جهد لرفع الانقاض ومخلفات الحرب من كنيستي مارتوما القديمة والجديدة.