- منظمة حمورابي لحقوق الانسان تقدم لمركز النهرين للدراسات الإستراتيجية مقترحات عمل ميداني لمواجهة التطرف العنيف
- المقترحات تدعو الى خطط تعبوية ثقافية وإعلامية واجتماعية ودينية واقتصادية في التصدي للتطرف العنيف بكل أشكاله
تضمنت الدراسة التي أعدتها منظمة حمورابي لحقوق الانسان وقدمتها للورشة التي عقدها مركز النهرين للدراسات الإستراتيجية يوم الأربعاء 29/3/2017 في بغداد، بشان متطلبات مواجهة التطرف العنيف ثمان مقترحات تتعلق بالنشاطات الميدانية المتنوعة لمواجهة التطرف، ولأهمية ما جاء في تلك المقترحات ننشرها هنا.
أولا: لقد تعددت الفتاوى التكفيرية وبات وصولها الى المجتمع اكثر سهولة من خلال وسائل الاعلام المتعددة، فان لم تصادفنا على شاشات التلفاز يمكن قراءتها في الصحف أو مواقع الانترنت او الاستماع لها بالإذاعات مع ملاحظة ان الفكر الديني الوسطي المعتدل ظل يواصل طروحاته من دون ان يضع في اسبقياته الرد على كل الدعوات التكفيرية ، وانما وقع تحت طائلة المنافسة غير العادلة ان لم يكن التواطؤ بذريعة ان المتطرفين هم جهات دينية من حقها الإجتهاد ، وكان لهذا التصرف الضعيف والمجامل اثره السلبي البالغ وكانه أراد ان يتيح للمتلقي الاختيار بين توجهين في حين ان الواجب كان يقتضي منهجا في التعامل يقوم أصلا على تكفير هذا التطرف بفتاوى واضحة المضمون والمصدر، خاصة وانه استخدم نصوصا وتطويعها لصالحه في الاعتماد على اجتهادات سلفية غاية في الانغلاق ، مع ملاحظة ان الجهات الدينية المعتدلة وقعت تحت طائلة العمل الرتيب التقليدي في تناول قضايا ترتبط بالعلاقة مع الله ، بعيدا عن الفهم المنطقي الفلسفي لهذه العلاقات .
لقد طغت الدعوة بالتطرف على حساب التبشير باعتبارات الاعتدال، ومن هنا وما دمنا نبحث من اجل الوصول الى حلول واقعية، لا بد من إعادة النظر كليا بالأساليب والوسائل، وان تكون المخاطبة بالمعلومات والحقائق القرآنية والأحاديث النبوية في الرد الواضح على التطرف ودعاته التكفيريين باستخدام ما يجمع الناس في نقاط مشتركة .
ومن متطلبات العمل في هذا الشأن ان يتولى الوقفين الإسلاميين في العراق مسؤولية إدارة المساجد والحسينيات في اطار من التوجه المشترك باعتماد خطبة الجمعة، او المجالس الدينية التي تقام بالكثير من اللغة المعتدلة التي تركز بالدرجة الأساس على تكفير التطرف ، ومن الملاحظات الجديرة بالانتباه هنا ان رجال الدين الذين تصدوا ويتصدون للتطرف قلة أصلا، في حين غلب الصمت على العديد من رجال الدين الاخرين ومنها مؤسسات دينية اسلامية معنية بالاجتهاد مثل الازهر الشريف ودار الفتوى في السعودية وهذه بحق مشكلة لا يمكن السكوت عنها لان من مسؤولية رجل الدين هو الإصلاح والتصحيح والتقيد بالنصوص القرآنية التي تحث على الرحمة والتضامن والتصالح، والمدخل الى ذلك قطعا ان الآيات القرآنية التي تبدا " باسم الله الرحمن الرحيم " وهكذا تقدمت رحمة الله وعفوه على القصاص والعقوبات ، فاين ذلك من المنهج التكفيري السادر في التهديد والوعيد، ثم اين هذا المنهج العدواني من المنهج الإسلامي السمح الذي يدعو الى العفو والإصلاح على وفق الآيات الكريمة الاتية " من عفا واصلح فأجره على الله، أو أن تعفو اقرب الى التقوى ولا تنسوا الفضل بينكم " ، او " ادفع بالتي هي احسن كأن الذي بينك وبينه عداوة ولي حميم ". وهناك العديد من النصوص الأخرى التي تحث على الاخوة والتماسك والاثرة وإخلاص الانسان لأخيها الانسان، وفي إطار الأحاديث النبوية الشريفة المتنوعة " خير الناس من نفع الناس "، "والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده "، وبمعنى مضاف ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم على هذه القاعدة المعرفية الايمانية.
ثانيا : لا شك ان مواجهة التطرف الديني بالنسخة المعروفة التي يشهدها العراق ودول أخرى تتطلب بالدرجة الأساس عملا متواصلا على مختلف الأصعدة، قصير ومتوسط وطويل الامد يكشف خلاله زيف البدع المتخلفة التي يروج لها المتطرفون الإرهابيون، في كل ما يخص شؤون الحياة الايمانية والاجتماعية، مع التركيز بالدرجة الأولى على فضح الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والأطفال، ان توجها من هذا النوع يستدعي بالضرورة الميدانية استحداث فرق تثقيف من النخب المعرفية ابتداءا من التربوية والتعليمية والدينية والاجتماعية من اجل ان تتولى مسؤولية تقديم الحجج الدامغة ضد ما يدعو له المتطرفون على مختلف انواعهم، والحال ان نشاطات من هذا النوع تستدعي إقامة ورش عمل وندوات ومؤتمرات في هذا الشأن على ان تكون باليات عمل ميدانية سهلة التطبيق، ونقل التجارب الأكثر نجاحا من مدينة الى أخرى مع ضرورة ان تكون في كل منطقة عشائرية لجنة او هيئة او منظمة تضطلع بهذه المسؤولية وفق المتيسر.
ثالثا: تغيير المناهج التربوية والتعليمية لإعادة تفسير الآيات المكثفة منها وإعادة اللغة العربية المتداولة الفصحى، بدلا من إجبار الأجيال تعلم النحو باللغة القديمة. كما يتم ادخال من ثقافات المكونات التي سبقت الاسلام بالتوازن الى المواد التي تعرف مكونات الشعب العراقي وجزء من ثقافتهم في مواد التربية والتعليم بفرض خلق فكر منفتح نحو الآخر الذي هو مواطن قبل ان يكون من هذا أو ذاك من الأديان، وسوف يرسخ منهج المواطنة كضرورة وأولوية لا بد منها للعيش المتبادل.
رابعا: الإفادة من المعلومات والحقائق المؤلمة التي يمتلكها بعض المنتمين للجماعات الإرهابية والعنف المتطرف وتحرروا من سطوة الفكر الإرهابي، وذلك من خلال روايات لهؤلاء عن الحالة المأسوية واللاأخلاقية التي عاشوها خلال فترة انتمائهم للمجموعات الإرهابية التكفيرية.
أن هذه المهمة يمكن الإفادة منها داخل المناطق المحررة التي لا بد ان تكون الجماعات الإرهابية قد تركت فيها خلايا نائمة للإرهاب، لا بل زرعت نوعا من الثقافة في أذهان الجيل الجديد لمدة ثلاث سنوات.
خامسا: إعداد خطة ثقافية تعبويه على صعيد البلاد منها إصدار مطبوعات دورية تتضمن حقائق دامغة ضد الفكر المتطرف العنيف، كما ينبغي ان تخصص الصحف والشبكات التلفازية والإذاعات والمواقع الثقافية المتخصصة حيزا في برامجها للرد على الفكر المتطرف باستخدام الحقائق الدينية والحقائق الأخرى التي ترسخ الأخوة والنظرة الإنسانية على الآخر.
ان حملة من هذا النوع يمكن ان تضطلع بها الهيئات الثقافية التابعة للأحزاب ولمنظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية، كاتحاد الادباء ونقابة الصحفيين وغيرها من المنظمات بذات الاتجاه التعبوي التي تقوم بها المنظمات المعنية بمكافحة التلوث البيئي في تنظيم حملات مشابهة بالآليات.
سادسا: حث وزارة الثقافة على تخصيص جائزة مهمة ضمن مسابقة سنوية للقصة والقصيدة والمقالة والكتاب الذي يتناول موضوع التطرف ومخاطره على المجتمع، ونشره على نطاق واسع وتوزيعه مجانا، وكذلك تنظيم مسابقات لأحسن رواية جاءت على لسان من انتمى للفكر المتطرف الإرهابي وتحرر من التورط في هذا المضمار المدمر.
سابعا: حث منظمات المجتمع المدني ووزارتي الشؤون الاجتماعية والشباب والثقافة على تنظيم فعاليات جماهيرية وفنية تعرض في الهواء الطلق في المدن والبلدات وصولا الى المناطق العشائرية، تتولى فضح جرائم التطرف الإرهابي ومن المهم الاستعانة برجال الدين لتحقيق هذه النشاطات تحت عنوان " عراق بدون تطرف ".
ثامنا: ان كل النشاطات الستة المشار اليها لا يمكن ان تأخذ فرصها من التطبيق الناجح ما لم يتم معالجة الوضع الاقتصادي باعتماد تنمية بشرية مستديمة تضع في أولويات اهتمامها توفير فرص عمل وتوظيف وتلبية الخدمات البلدية اللازمة وإقامة مراكز ثقافية ورياضية عديدة لعموم الشباب، وهذه ينبغي ان تكون ضمن الخطط التنموية السنوية للدولة العراقية.