- منظمة حمورابي لحقوق الانسان تشخص عيوب المصالحة الوطنية والتحديات التي تواجهها في هذا الشان
- عادل سعد مستشار المنظمة الاعلامي امام المؤتمر الدولي لتخفيف النزاعات والمصالحة يلقي بحثا في هذا الشان ويطالب بمعالجة التحديات التي تواجهها المصالحة
تناول عادل سعد مستشار منظمة حمورابي لحقوق الانسان عيوب المصالحة الوطنية في العراق ، جاء ذلك ضمن تقديم الورقة التي اعدها بهذا الشان امام اكثر من ثلاثين خبيرا دوليا واكاديميا في المؤتمر الذي عقد يومي 17، 18 من تشرين الثاني عام 2016 على احدى قاعات كلية الاداب في الجامعة الامريكية في بيروت ، وكان بعنوان المؤتمر الدولي لتخفيف النزاعات والمصالحة في سوريا.
عادل سعد قال في بحثه ان ذاكرة العالم تختزن الكثير من شواهد تدابير العدالة الانتقالية وما أفضت إليه من مصالحات، بعضها نجح نسبيا وبعضها الأخر طوى كل الماسي والويلات التي مرت بالمزيد من الرؤية القائمة على إنجازات معينة وتوظيف الامل والصفح مصدرا للثقة العالية في انهاء صراعات وخصومات ظلت تدمي مجتمعات في قارات أوربا واسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية ، أي التوجه الى المستقبل بإرادة تقوم على ازاحة الماضي ، ليس بمعنى الشطب عليه وانما في اطار ان ما جرى لا يمكن ان يكون مادة للمستقبل ، وهذا بحد ذاته انتصار فاعل لقيم التبصر والحكمة والعفو .
ان هناك فرقا جوهريا بين نسيان الماضي وبين النظر اليه على انه جثة وكما يقول الشاعر الامريكي ويتمان ( الجثة البائتة تسد الطريق ) بمعنى ان يتم الانتهاء من دفنها لكن بدون طقوس الا بما يخولنا ان نتخلص من الادران والروائح التي تنبعث عنها .
واضاف ان التوقف عند الاخفاق العراقي في المصالحة يمكن ان يصلح أساسا كضرورة لتلافيه او معالجته عندما تحين مصالحات في دول عربية اخرى نظرا لتشابه العينات وللتداخل والتكامل الجغرافي والسكاني والرؤى السياسية والطموحات التي تأمل بها الشعوب العربية، ولكي يستقيم الحديث في ذلك لا بد لنا ان نتناول عيوب المصالحة في العراق التي يمكن اجمالها بما يأتي:
التباين الحاد في طروحات الكتل السياسية بشأن مفهوم العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة مع وجود طرف يرى بتحقيق المصالحة دون محاسبة فعلية بشان الانتهاكات التي حصلت على اساس ان اعادة فتح الجروح قد لا يساهم في ادمالها . وأضاف في بحثه لقد تأسست مع الاسف اجندة لهذا التباين وترتب عليها المزيد من تلك الانتهاكات التي تحاول خرق وحدة النسيج الاجتماعي العراقي، وهناك من يرى من الكتل السياسية بان غلق ملفات العدالة الانتقالية مخالف لضرورة المحاسبة الدائمة مع ان ذلك يمثل سيفا مسلطا يمكن استخدامه على وفق مشيئة بعض الكتل وبالتالي يكون مجالا للابتزاز، و التصرف بمفهوم العدالة الانتقالية على وفق مشيئات يتصل بعضها بأصابع إقليمية ، في حين ان التوجه يحتاج الى شراكة حقيقية من العمل العادل المسؤول الذي من شانه ان يرضي عوائل الضحايا ويعزز البنية الوطنية، و هناك فرق جوهري بين تحقيق القصاص العادل والمنصف وبين نزعات الثأروالانتقام والتشفي، فأي توجه يصب لصالح تلك النزعات لا يمكن ان يطفئ نار الانتقام بل يشعلها أكثر وهكذا فرضت القناعة بالانتقام اجواء من المداهمات السياسية وابقاء الماضي حاضرا بالمزيد من التشهير والتشويه.
وأشار المستشار الاعلامي لمنظمة حمورابي لحقوق الانسان، لقد استحدثت في العراق مؤسسات وهيئات تحت يافطة العدالة والتعويض منها هيئة المفصولين سياسيا وهيئة حل النزاعات الملكية، لكن هذه الهيئات والتعويضات خضعت للاجتهادات الشخصية، ولذلك كان هناك إسراف لا مبرر له في تقديم تعويضات بدافع طائفي واضح على حساب حقوق العراقيين الآخرين بالمال العام.
واكد لقد تم الانحراف بمفهوم العدالة بشكل متعمد وواضح في العديد من الحالات ، ولم يقتصر على ما قام به سياسيون ومسؤولون في الأحزاب من خطوات معينة في هذا المضمار بل ان بعض المواطنين استغلوا ذلك المناخ من النهب وسيطروا على عقارات وأراضي تعود لمسؤولين سابقين وأقاموا فيها واعتبروها حقوقا لهم بل وعمدوا الى التزوير والغش اسوة بسياسيين وتسجيل تلك العقارات والأراضي بأسمائهم، وقد شملتهم توصيفات العراقيين الطريفة بالقول ( الحواسم ) .
لقد تعاملت المكونات السياسية الكبيرة المهيمنة على السلطة في البلاد مع منطق المصالحة والوفاق من منظور مصلحي ضيق، وحسب توقيتات تراها مناسبة لاستمرار هيمنتها وسلطتها ، فهي حين تشعر ان وضعها السياسي العام مهدد بالمشاكل بل والزوال تنشط على حين غرة في الدعوة الى المصالحات وبالتالي الى عقد المؤتمرات والندوات والورش لهذا الغرض .
وخلص المستشار الاعلامي الى ان استيعاب استحقاقات المصالحة الوطنية في العراق تتطلب بالضرورة مواجهة ثلاثة تحديات قائمة وهي :-
اولا : الخصومة القائمة بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة الاتحادية.
ثانيا : الفساد الاداري والمالي الذي تحول الى مشكلة اقتصادية وسياسية واجتماعية ايضا .
ثالثا : المظلومية الكبيرة التي لحقت بالاقليات العراقية ( المسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين وغيرهم من هذه المكونات الاصيلة ) .
واختتم عادل سعد بحثه بالقول ان تحقيق المصالحة الوطنية في العراق يتطلب وجود نيات صادقة لاعتمادها ، وبرنامج ياخذ بنظر الاعتبار اعتماد عدالة انتقالية قضائية حقيقية ووضع خطط تنفيذية بمبادئ عراقية بعيدا عن اية تاثيرات اقليمية ودولية .