كلمة السيد عبد الله النوفلي لمؤتمر حمورابي حول مستقبل الوجود المسيحي في العراق
كلمة السيد عبد الله النوفلي ، رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى ، لمؤتمر مستقبل الوجود المسيحي في العراق ، والعودة الكريمة للاجئين العراقيين، الذي انعقد في بغداد في يوم 11 كانون الاول 2009 ، وفيما يلي نصها:
كلمة السيد عبدالله النوفلي
رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى
لمؤتمر
عودة كريمة للاجئين العراقيين
وبحث مستقبل الوجود المسيحي في العراق
أصحاب الفخامة والسيادة والسماحة والشيوخ الأفاضل
اخوتي أخواتي الحضور:
سَلامٌ مِنْ الله عَلَيكُمْ وَرَحْمَةً مِنْهُ وَبَرَكاتْ...
إن عنوان المؤتمر يثير الشجون في قلوبنا ويطلق اللوعات والحسرات من صدورنا، لأن عراقنا جريح، ومستمرٌ جرحه بالنزف وخاصة في ظل انعدامٍ لأية فرصة من الأمل لدى الشريحة التي تنتظر أن يعمَّ القانون ويستتب الأمن كي تنطلق نحو العمل والبناء.
إن أبناء العراق من المسيحيين خصوصا اعتادوا العيش في ظل سلطة القانون وفي ضوء ذلك يعملون بجد واخلاص ويعطون كل طاقاتهم في مجال عملهم لتحقيق المنفعة المشتركة؛ فهذه هي الحياة الكريمة عندما يقتات المرء من عرق جبينه، ينفع أخيه الانسان وينفع نفسه وبالنتيجة نصل إلى رقي المجتمعات وتقدمهم.
أردت من هذه المقدمة والتي ابتدءتها بالشق الثاني من عنوان المؤتمر لأنه جواب على الشق الأول، فاللاجيء الذي ترك دياره لأي سبب، سواء؛ هربا من العنف بأي شكل من أشكاله، أو بحثا عن رزق صعب له الحصول عليه في بلده أو طمعا بحياة آمنة فقدها في بلده أو لماً لشمل أفراد أسرته ... فهذا عندما اختار هذا الطريق تولدت لديه القناعة بأن بقاءه أصبح صعبا إن لم يكن مستحيلا، لذلك فلكي نعمل على عودته علينا أن نوصل مؤشر القناعة لديه إلى المستوى الذي يشعر بوجود الأمل الحقيقي للحياة الطبيعية في العراق بلده الذي ولد وترعرع فيه، بحيث تختفي أخبار العنف والقنابل والسيارات الملغمة والانفجارات من شاشات التلفاز ويحل محلها أخبار الاعمار والبناء، فمثل هذا إن لم يشاهد بأم عينيه عجلة البناء تدور وتعمل بصورة طبيعية والشركات تدخل بقوة في السوق العراقية والمطارات مكتضّة بالمسافرين ومعاهد العلم والمعرفة تعج بالطلبة والدارسين والمكتبات يرتادها الباحثين ودور الفن الراقي تعمل وتعرض وتنتج أي بمجمل العبارة ان الحياة تعود لدورتها الطبيعية على مدار اليوم ولا فرق بين ليل أو نهار.. عندها:
** لا يشعر المسيحي أنه غريب على الأرض التي احتضنته قبل غيره في هذا البلد...
** كما لا يشعر السني أنه غريب بين الشيعة...
** في الوقت ذاته يشعر الشيعي بحرية ممارسة شعائره الدينية دون حرج أو خوف من تعليق لأن الايمان هو علاقة شخصية مع الله ...
** وعندما نصل بالتفكير بأن العراق هو لكل العراقيين، ولا يشعر الكردي بأنه عندما يقدم مطالبه المشروعة يحرج أو يحقق مكاسب على حساب العربي ... كما لا يشعر العربي عندما يتناقش ويحاول تعديل مطالب أخيه الكردي بأنهم يحسبونه ينتقص من حريتهم أو يحاول تحجيمهم ... وعندما يعتبر العربي مطالب أخيه الكردي هي كي يستعيد توازنه ويرفع عنه غبار الزمن الماضي المليء بالعنف والاضهاد، والعكس بالعكس.
وإذا تحقق ذلك سنصل إلى نقطة بدء العودة وسيحل الأمل من جديد في قلوب الطيور العراقية المهاجرة وسنقول للعالم بأن شمس المستقبل ستشرق على العراق مجددا وسيعود أبناءه البررة الذين شربوا من ماء دجلة والفرات ولابد للحنين ان يدفعهم طواعية للعودة بين أحضان أهلهم وأحبائهم، وعندما نصل إلى ذلك سيكون حتما الكلدان والسريان والآشوريين مع العرب والأكرد والتركمان والصابئة والايزيديين لتبدأ باقة الورد التي يمثلها كل هؤلاء بخطف الأنظار إليها ويعود العراق بكل أبنائه مدار حديث الدنيا بالأحداث الايجابية وليس كما هو حاله اليوم، ومن الله التوفيق.