(قُمَّة) الكويت
في حديث على الهواء مباشرة، قبل قليل، مع مُقدمة النشرة الاخبارية الرئيسية في قناة (الفيحاء) الفضائية، قلت:
ان ما يجمع الزعماء العرب في الكويت، (قُمَّة) وليست (قِمَّة) لان الاخيرة عادة ما تخرج بحلول لمشاكل مستعصية وبرؤية استراتيجية لمستقبل افضل، كما ان من يحضرها يرى كل شيء واضح أمامه، لان قِمّة الشيء اعلاه، ولذلك فمن يجلس في القِمّة ينظر الى أقصى القوم ليطلع على مشاكلهم ويتفهم تطلعاتهم ويتحسس معاناتهم، اما هؤلاء فيجلسون اليوم في (قُمَّة) اي في مكب نفايات، قُمامة، ولذلك لا يرون الا مصالحهم ولا تهمهم الا انانياتهم، ولا يفكرون الا في إشباع رغباتهم ونزواتهم غير المشروعة، اما الشعوب فلا يرون فيهم الا نفايات تحوطهم من كل حدب وصوب.
ان الشعوب العربية لم تلمس منهم اي نوع من المشاريع الاستراتيجية التي تأخذ بالمجتمع العربي الى مصاف الشعوب المتقدمة والمتحضرة وتنهض به، فلم يقدموا لهم مشاريع اقتصادية مثلا او تعليمية او أمنية او صحية او اي نوع اخر من المشاريع الاستراتيجية، والعكس هو الصحيح فلقد هبط هؤلاء الى أدنى المستويات الأخلاقية وتسافلوا الى الحضيض حتى بات بعضهم يتآمر ضد البعض الاخر، ويقتل بعضهم البعض الاخر، ويحرّض بعضهم على البعض الاخر، وما العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وليبيا واليمن ومصر الا ادلة واضحة تؤكد هذه الحقيقة المرة.
قد يتساءل البعض، من اين لهم كل هذا الوقت لحضور مثل هذه (القُمم) الفاشلة سلفا وعديمة الجدوى كل عام؟ فأجيب:
اولا: انا أتفهم جيدا حالة البطالة المقنعة التي يمر بها السيد نائب رئيس جمهورية العراق، على اعتباره يتبوّأ مقعدا لا معنى له وهو منصب أضيف عنوة فهو مثال للّصوصيّة والسرقة المنظمة من ميزانية الدولية، ولذلك لا باس عليه اذا حضر مثل هذه (القُمم) على الأقل ليملأ بعض الفراغ والبطالة التي يعيشها، ولكن ما بال الآخرين التي تؤرقهم الأزمات الحادة التي تمر بها بلدانهم؟ أهو هروب من الواقع لبعض الوقت؟ ام انه محاولة لإسقاط الواجب امام الشعوب المغلوب على أمرها، لذر الرماد في عيونها؟.
ثانيا: الحاضرون احد نوعين، النوع الاول هم الذين يقبضون ليلبوا الدعوة في الحضور، فلولا الدفع العاجل الذي يسيل لعابهم، لما حضروا ابدا، خاصة بعد ان أصبحت القضية المركزية للعرب، واقصد بها قضية فلسطين، في خبر كان، والتي ظلوا يتاجرون بها عقود طويلة من الزمن، فلماذا يتحملوا عناء الحضور، اذن، اذا لم يستلموا بالعاجل؟.
اذن، هذا النوع من الحضور يقبض سلفا، ولذلك فليس من حقه ان يتحدث او يسال او يتكلم، إنما واجبه فقط هو ان يصوت ويوقّع، لانه قبض ثمن حضوره وتوقيعه سلفا.
اما النوع الثاني، فهم الذين يدفعون لتمرير اجنداتهم، ويقف على راس هؤلاء نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية.
فلهذا النظام أجندات خاصة يسعى الى تمريرها من خلال (قُمّة) غد، ولهذا السبب تحديدا فإن الشارع العربي يعرف سلفا النتائج، فهي سوف لن تسمي منبع الارهاب، كما انها سوف لن تدين الارهاب في العراق وسوريا وغيرها من الدول العربية والإسلامية، فكيف ننتظر منها ذلك وان منبع الارهاب، نظام آل سعود، هو الممول الأساس لجامعة الدول العربية؟.
كما انها سوف ان تذكر مظلومية شعب البحرين البطل والصامد بوجه الارهاب الخليفي المدعوم بقوات (آل سعود).
انها تُعقد في أسوء الظروف، فالنظام السياسي العربي الفاسد في الحضيض، والخلافات تمزق اوصاله، اما دماء الشعوب العربية فلا زالت تسيل انهارا.
ولكل ذلك جاز لنا ان نسميها (قِمّة) (القُمَم).
٢٤ آذار ٢٠١٤
للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar