منظمة حمورابي لحقوق الانسان بين صناع السلام العالمي
شلاما عمخون: ويعني السلام معكم
يدل تعدد فرص الحديث عن السلام الذي يتمناه المرء كأولى الضرورات التي لابد من ان يصل العالم الى اكتسابها في أول
الفرص، على الأهمية القصوى للسلام العالمي في حياة كل فرد على الكرة الأرضية. ولان من دون سلام لا يمكن العيش
باطمئنان على أي من جوانب الحياة.
السلام هنا لا يعني فقط غياب الحرب ووقف العنف، بل السلام يعني وصول وصيرورة الانسان في طريق النور الى الفهم
وأدراك معنى مصطلح السلام الحقيقي بالعيش فيه، وهو بذلك أكثر من مجرد مصطلح. السلام اشبه بأشعة الشمس، لا يمكن
تجزئته او احتوائه. فيصبح كمصدر او البيئة الذي يسمح للإنسان بالرؤية الواضحة والحكم السليم والتفاعل نسبة الى ذلك
النور الداعم للوعي التام بمصير الانسان.
ويمكننا القول ايضا ان السلام هو حق من حقوق الانسان الاساسية، ومن خلاله كحق،يفسح المجال لدعم تحقيق جهود
التطور وتصحيح المسارات الخاصة بالأطر القانونية بهدف تحقيق العدل والمساواة بعيدا عن ضغوط يمكن ان تمارس من قبل
اشخاص او جهات متنفذة في المجتمعات وخاصة خلال فترات النزاعات. هكذا، في الظروف المتمتعة بالسلم، يمكن صيانة
الكرامة وحماية الحقوق الانسانية وتطويرها والتفاعل مع الطبيعة كما مع التطور العلمي والتكنولوجي. ايضا يمكن خلال
السلم، احترام ثوابت الكون كما هي، مع الاحتفاظ بحق لا بل بواجب تطوير المتغيرات الخاصة به، بهدف تحسين مستوى
الحياة وليس للحكم عليها بالتشويه وبالإعدام.
على الانسان وخاصة من هو في موقع المسؤولية العامة، ان يسخر كل ما يتاح له من الإمكانيات في خدمة تجنب المس
بسلامة الحياة. بل ان يعزز راحة البال براحة الضمير الذي فيه للسلام بعد داخلي يضئ الوجدان وقلب الانسان قبل ان يكون
مجرد مظهر من مظاهر السلوك البشري او حالة معينة من هدوء. بهذا المعنى تحقيق السلام يعني تحقيق التوازن والمصالحة
بين ذات الانسان وما هو أعمق في الانسان، وكل ما هو متاح لأجل ديمومة حياته، فعالا محترما لما موجود بروح المسؤولية.
وهذا الامر بالذات، أي احترام الصالح العام، يوصل الى الرفاهية الاقتصادية والحرية الأساسية جاعلا من الانسان قادرا ان
يصبح أداة صنع السلام بالحوار والتفاهم ونبذ العنف وجرائم الحروب. نعم لان السلام يصنع في الفكر والوجدان اولا، وهو
مطلب قلب وإرادة كل من يتوق الى حياة كريمة وأفضل، للمحافظة على سمو قيمة الانسان بدلا من الانتقاص من كرامته
بإطلاق احكاما معينة ضده او تبديله مقابل أي نوع من الماديات.
علينا ان لا نخاف من جميع وسائل تحقيق ضرورة السلام، منها وسائل الحوار. لان بهذا العمل يتم ازالة الاعتداء والطمع
وإزالة النزاع ويعتدل الفكر عن التطرف العنيف. فبالنتيجة، تظهر الاخوة حيث تولد قناعة بالتبادل الايجابي فقبول الاخر كما
هو.
يمكن للإنسان ان يقود عمليات صنع السلام ليصبح ذلك النور الذي يبدد الظلمات، ليفتح افق التعاون والتبادل على جميع
المستويات الشخصية والجماعية والوطنية ثم الدولية. وبهذا يكون القضاء على الاطماع والعدوان والاحقاد والنيات السلبية.
فيتم فرض السلام بين الجميع بتعميم مبادئه والتدرب على وسائل صناعته بتحقيق العدالة والتوازن في المواقف، بعيدا عن
تشويه المعنى الحقيقي للسلام، وبعيدا عن ترغيب البسطاء بالنزاعات بتلقينهم ما لا يمت بصلة الا للأهداف السياسية في
مصلحة مجموعات عنيفة لا تؤمن بأهمية كرامة الانسان وحقه في الحياة. فلا يوجد فرد لا يريد او لا يرغب العيش بسلام.
لان السلام هو حلم كل انسان صاحب الضمير الحي على وجه الأرض.
وعمليا من وسائل دعم السلام في الحياة اليومية هو القدرة على جعل الحياة الكريمة للإنسان متاحة من خلال توفير الخدمات
كالكهرباء والماء الصالح للشرب وجميع البنى التحية كأعاده بناء الطرق وحفظ المياه الامطار المجانية التي تهدر بلا اي
مبادرة التعود على خزنها من جانب وتجنب فيضانها في المنازل لانعدام نظام المجاري التي تصرف مياه الامطار الى
خزانات تحتية. ويتواصل مسؤولو البلديات والمياه والمجاري في عدم السماع لاي شكاوى بشكل غير ابالي وعدم الوقوف
لدى نقص المياه بحكم التغييرات المناخية التي بدأت تمثل من أكبر جرائم القتل الجماعي التي تتعرض لها حياة الانسان، في
حين ان الماء هو من المتطلبات الاجبارية للحياة وهو من الحقوق الأكثر أساسية تتطلبها ديمومة حياة الانسان. بينما قبل
يومين في عمل انساني ميداني، التقينا اطفالا ونساء وعوائلا بأكملها في المناطق المتاخمة لبغداد لا تتمتع قراهم بمنابع الماء
الصالح للشرب ولا للاستخدامات اليومية ولا حتى للاغتسال لوجوه الاطفال العراقيين الذين يشتكون الامراض والعوز وانعدام
السكن اللائق بشكل لا يغتفر! بينما لا يبتعدون عن سواقي وروافد نهر دجلة الا بضع أمتار! أما المسؤولين في الدوائر
المعنية ومجلس المحافظة فلا يهمهم امر هؤلاء الا ايام الحملات الانتخابية حيث بكل سهولة، يشترون ذممهم للحصول على
أصوات هؤلاء مقابل ولا خدمات تقدم!
منذ القرن الماضي والى يومنا هذا، لا تطاق مسألة الكهرباء وشحة الماء في العديد من المدن المهمة والقرى مثل أربيل حيث
تعاني عنكاوه من انعدام أي تحسن للتيار الكهربائي. بينما المهجر اليها قسرا من الموصل كما صاحب الملك من الاقليات أيضا
(واغلبهم لا فرصة عمل لهم هناك)، يُسلخ جلده بقوائم الكهرباء الشهرية، في حين ان حالة التيار الكهربائي تتواصل ان تكون
أسوأ من إشارات المرور، حيث تتزايد الدعوات السلبية ضد من هم مسؤولين عن ذلك. علما ان أربيل شبه مستقلة منذ
١٩٩١!! هل يعقل ان خلال ٣٤ سنة لم يتمكن المسؤولون هناك من حل تلك الازمة المتواصلة؟! ام بالأحرى، انهم يفتعلونها
لأجل ربط الفقراء بأهدافهم واطماعهم السياسية؟ وهكذا في العديد من مناطق بغداد والمحافظات الأخرى.
دون اي شك، هذا أحد امثلة القضاء على وسائل صناعة السلام بهدف ضمان العوز والنزاع بين المواطنين والسلطات
فاستبعاد السلم الأهلي.
مع كل ما سبق، يمكن أن يكون صنع السلام عملية ديناميكية لإنهاء الصراع من خلال التفاوض أو الوساطة، على الرغم من
هشاشة السلام بسبب عدم استقراره، لأن مصادر الصراع نادراً ما يتم حلها أو القضاء عليها بالكامل. ولأن الصراع متأصل
في الحالة الإنسانية، فإن السعي إلى السلام قوي بشكل خاص في أوقات الصراع العنيف.
ومع ذلك، فإن الرغبة في استيعاب مرتكبي العنف دون حل مصادر الصراع - والتي تسمى أحيانًا "السلام بأي ثمن" - يمكن
أن تؤدي إلى صراع أكبر لاحقًا. لذلك، من المهم الإسراع بدعم آليات المبادرات التي تأتي بحلول لفرض السلام العالمي، بما
في ذلك المبادرة الكورية الجنوبية: إعلان السلام ووقف الحرب (DPCW)، والتي تنتظر بفارغ الصبر تقديمها إلى الأمم
المتحدة بهدف اعتمادها ومن ثم تقديمها للتصديق عليها من قبل دول العالم، حتى تصبح فيما بعد وسيلة دولية في خدمة فرض
السلام المستدام في العالم. ونأمل بعد أن تتبنى الأمم المتحدة نص "إعلان السلام ووقف الحرب" أن يستحق التصديق عليه من
قبل جميع دول العالم بما فيها العراق، فالإعلان المذكور يستحق التبني العالمي، لأنه يحظى بالفعل بدعم ملايين النساء
والرجال في مختلف أنحاء العالم.
أما عن الجهود التي تبذلها شريكتنا: المجموعة الدولية لنساء السلام (IWPG) في العمل على الترويج للإعلان المذكور وحث
الأمم المتحدة على التصديق عليه فهي جهود مشرفة. ومن خلال عضويتنا فيها وبصفتنا سفيرة سلام لها، فإننا حريصون على
التعريف بالإعلان المذكور في العراق، ونحث السلطات العراقية على التصديق عليه عندما يتم اعتماده من قبل الأمم المتحدة
مستقبلاً، لان العراق هو البلد الأكثر حاجة للسلام الشامل والدائم والسلاح المخمد!
بدأت هذه المبادرة في كوريا الجنوبية بجهود منظمة "الثقافة السماوية لاستعادة السلام العالمي والنور" (HWPL) وهي منظمة
غير حكومية، وهي منظمة سلام مسجلة كهيئة استشارية لدى الأمم المتحدة (DGC) والمجلس الاقتصادي والاجتماعي (UN
ECOSOC) وهم معروفون بجهودهم لتحقيق السلام ونشر ثقافة السلام في جميع أنحاء العالم.
يتكون نص إعلان DPCW من 10 مواد و38 بندًا، بهدف إنهاء جميع الحروب وخلق بيئة مستدامة للسلام الدائم.
قدمت لجنة السلام والقانون الدولي خبرتها ورؤيتها بشأن كل مادة وبند من الإعلان وصاغت الوثيقة تحت إشراف الرئيس
LEE، رئيس منظمة HWPL وكما ذكرنا، فإن الوثيقة في محاولة لرفعها إلى أيدي الأمم المتحدة ...
الهدف من هذا الإعلان المهم للغاية هو وضع دول العالم أمام مسؤولياتها تجاه شعوبها والمصير الصعب الذي خلفته الحروب.
ونختتم بالتضامن مع إعلان قداسة البابا فرنسيس العام الجديد 2025 عاماً للأمل في السلام في العالم، آملين أن يكون هذا
العام الرجاء حاملاً للسلام وحارساً لخير العراقيين وأن يتم من خلال الوسائل الدبلوماسية استعادة حقوقهم المغتصبة واستبعاد
وسائل العنف والاستغلال بإسكات السلاح وتفضيل الاستقرار والازدهار لتعزيز السلام الدائم في العراق والعالم.الهدف من
هذا الإعلان المهم للغاية هو وضع دول العالم أمام مسؤولياتها تجاه شعوبها والمصير الصعب الذي خلفته الحروب. ونختتم
بالتضامن مع إعلان قداسة البابا فرنسيس العام الجديد 2025 عاماً للأمل في السلام في العالم، آملين أن يكون هذا العام
الرجاء حاملاً للسلام وحارساً لخير العراقيين وأن يتم من خلال الوسائل الدبلوماسية استعادة حقوقهم المغتصبة واستبعاد
وسائل العنف والاستغلال بإسكات السلاح وتفضيل الاستقرار والازدهار لتعزيز السلام الدائم في العراق والعالم.
باسكال ايشو (وردا)
سفيرة السلام للمجموعة الدولية لنساء السلام( IWPG )
رئيسة منظمة حمورابي لحقوق الانسان
وزيرة الهجرة والمهجرين الأسبق