
فرصة لوقفة لدى الحقيقة
في هذه المناسبة العالمية لهن، تهنئ منظمة حمورابي لحقوق الانسان النساء في العراق والعالم بيومهن العالمي: الثامن من آذار ٢٠٢٥، حيث تعبرن عن سرورهن بهذا اليوم المهم جدا، بالرغم من كونهن في أوضاع اشبه بمخاض ولادة صعبة، فيه لا ينته عمل العودة الى الوراء طيلة المسيرة النضالية. دون أي شك، استطعن النساء عبر العالم، وبفضل نضالهن تحقيق العديد من المكاسب المهمة حيث حتى في بعض الدول المتمسكة بتقاليد وأعراف تمس حقوق المرأة، سُمِعتْ أصوات النساء على المستويات الوطنية والدولية، وان كان ذلك على مضض بسبب تزايد الحس الذكوري المعادي لتنافس النساء مع الرجال! واصلت المرأة مضحية واعية لقيمة الانسان التي لأجلها تم تحقيق تلك المكاسب، مدركة ان الانسان يعني: ابنتها وابنها وزوجها واهلها وابناء منطقتها وبلدها والعالم اي كل من يحيط بها من قريب ومن بعيد، منطلقة هكذا من العش الصغير للمجتمع (الاسرة) لتقتحم بدورها حتى الساحات السياسية، محاربة العنصرية والتمييز بأشكاله بمشاركتها فعليا في الثورات ومسيرة التقدم العلمي والتكنولوجي في أكثر بلدان العالم.
نعم المرأة لم تعمل لنفسها أولا، بل تضحي للمجتمع باسره. وخبرتنا في الحياة الاسرية والخدمة العامة واطلاعنا على خبرات الالاف من النساء في مختلف الأوضاع، نلتمس يوميا وبشكل واضح، حقيقة ان، إذا هناك من تنسى النساء وليس بين اولويات حساباتهن فهم: هنَّ أنفسهن تتحملن عبئ الجميع أيا كانت الظروف. اما أنفسهن، فالعديد من النساء لا تعطين مكانة حقيقية لأنفسهن ولا تشغلن افكارهن بأنفسهن كأحد الهموم الاساسية، بل غالبا ما تغطين احتياجاتهن بأبسط وأسرع واقل ما يمكن، للانصراف الى اسعاد من حولهن. أما سعادتهن فغالبا ما تنظرن اليها في نجاح اسرتهن! وهذا الامر بحد ذاته يمثل قيمة كبرى، بالرغم من ان ذلك يحتوي على نوع من الظلم الذاتي الكامن في سخاء طبيعتها المعطاء بشكل يفوق العادة في بعض الاحيان، وبعيدا عن شعور الضحية. بينما هناك حاجة ماسة للنساء للتركيز على ذاتهن أيضا، ان لم يكن أكثر فبالتساوي مع ما تقدمه للآخرين. أي علينا نحن النساء والرجال، الكف عن "وضع المرأة في نهاية القائمة". لان نهاية القائمة تسهل وتؤيد وصف المرأة بما ليس جزء من طبيعتها المتساوية مع نظيرها الرجل في الإنسانية والتمتع بالفرص. وهذا هو ما تعنيه المساواة الكامنة في الكرامة غير القابلة للتصرف والحقوق غير القابلة للتجزئة: حالها حال الرجل. وهذه المساواة هي في القيمة الأخلاقية العميقة وليست في المظاهر والاختلاف في الطبيعة الفيزيولوجية ولا حتى في القدرة العضلية.
فليحتفل الرجال قبل غيرهم باليوم العالمي للمرأة التي من اول لحظة وجودهم، منها استمدوا وفي احشائها تزودوا بقابليات وميزات وجودهم البشري. إضافة الى ذلك، المرأة هي المصدر الاساسي للتربية وتأليف تاريخ الاخلاق العميقة لكل انسان، لأجل من تتحمل ازر كل ما يتطلبه أمر صيرورة الرجال والنساء على حد سواء جسدياً ونفسياً وعقلياً الخ.
المطلوب هو الاعتراف بقيمتها، ليس بكلمات رنانة وشعرية، بل بالوقوف لدى قضيتها ومشاركتها في عمل رفع الظلم عنها، لتغيير النظرة الدونية الغابرة المنتقصة من انسانيتها وقدراتها الخلاقة والشاهدة على تحمل ازر الاخرين، مجردة من أولوية مصلحتها الشخصية نظرا لقدرتها على التضحية بنفسها لأجل الاخرين. هذه القدرة على الشراكة الحقيقة هي موضوع النصوص الدولية الخاصة بحقوق المرأة والفتاة مثل اتفاقية مناهضة جميع اشكال التمييز ضد المرأة ((CEDAW) وجميع النصوص الدولية والوطنية الخاصة بحقوق وحريات الانسان والمساواة بين الجنسين في الكرامة والحقوق. لان كل تراجع واستهداف النساء اجتماعيا أو تشريعيا او سياسيا او اقتصاديا، وغيره، يمثل تحطيما لعجلة التنمية المستدامة في البلاد باسره وترسيخا للتخلف والفقر الفكري والإنساني. وبالنتيجة يتيسر استهداف السلم المجتمعي سلبيا. بينما في كل لحظة تشهد النساء على القدرة القيادية في جميع المجالات منها في صناعة السلام بجدارة.
كل ٨ آذار وأنتم سعداء متحدين ومحتفلين بالمزيد من السرور!
منظمة حمورابي لحقوق الانسان ٨-٣-٢٠٢٥
-