- في حديثه لصحيفة التايم الامريكية ، لويس مرقوس ايوب يؤشر المخاطر التي تستهدف الاقليات ما بعد تحرير محافظة نينوى
- الخصومة بين حكومتي الاتحادية والاقليم وأجندة الولاءات السياسية للمليشيات هي التي تهيمن على واقع محافظة نينوى
- محافظة نينوى ستكون ضحية النفوذين التركي والإيراني اذا لم تكن هناك توجهات تضمن حقوق الاقليات
- التعويضات واعادة الاعمار والضمان الأمني بأبناء سهل نينوى وبالغطاء الدولي يتيح فرصة عودة النازحين والمهجرين قسرا
أجرت صحيفة التايم الامريكية حوارا مطولا مع السيد لويس مرقوس ايوب نائب رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان ، عضو مجلس ادارة شبكة تحالف الاقليات العراقية ، عضو المجلس البلدي لقضاء الحمدانية ( بغديدا ) ، وقد حاوره جارد مالسن مدير مكتب الشرق الاوسط التابع للصحيفة ، وكان المدخل للحديث بين الجانبين ( الجلسة الحوارية التي عقدتها منظمة حمورابي لحقوق الانسان يوم 21/10/2016 في اربيل ، بشان السعي لتعديل المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 ، حيث قال السيد نائب رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان :
اليوم لدينا ورشة عن المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016، التي تنتهك حقوق المكونات من غير المسلمين اي المسيحيين والايزيديين والصابئة المندائية من خلال الاسلمة القسرية للأطفال القاصرين حينما يعتنق أحد الوالدين الاسلام من المسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين، معتمدين على بعض النصوص والاجتهادات التي ليس هناك اجماع عليها بين المسلمين .
نحن نعمل مع باقي الزملاء في منظمة حمورابي وتحالف الاقليات العراقية من أجل ترسيخ وجود الاقليات وتعزيز وترسيخ حياة هذه المكونات العراقية الاصيلة من المسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين وباقي المكونات الاخرى من الشبك والكاكائية الذين يتعرضون الى انتهاكات ، كأن تكون مجتمعية أوممارسات قمعية للأجهزة الأمنية أو تشريعات حكومية تمس حقوقهم وحرياتهم الدينية والإجتماعية والثقافية واللغوية والقومية.
إن بقائئ أنا وزملائي في العراق بعد نزوحنا من مناطقنا الذي طال عامان دون تحرير مناطقنا لان العراق وطننا، ونحن نبحث ألية للبقاء من خلال العمل على تشريع منظومة من القوانين التي تحافظ على وجودنا وإستمرار بقائنا في وطننا، لأن الجميع اليوم بات يعلم أن أكثر من 50% ممن نزحوا من الأقليات ومنهم المسيحيين قد أصبحوا مهاجرين خارج العراق، وهذا ليس عاملاً ايجابياً ، بل إنه عامل خطر يؤشر الى إختفاء التنوع في العراق . لذلك يجب أن نعمل بجهد غير طبيعي مع المجتمع الدولي والحكومات الوطنية لايجاد اليات لبناء الثقة أولاً لهذه المكونات في العودة الى مناطقها في سهل نينوى وسنجار وبعشيقة وبرطلة والموصل وغيرها، وهذا يتطلب الكثير من العمل على المستوى السياسي والقانوني والاجتماعي ، ونحن لدينا الكثير من البرامج مع العديد من المنظمات الدولية الامم المتحدة والمنظمات النرويجية والاوربية والامريكية ، وعملنا هذا اليوم هو جزء من هذا التوجه حيث نسعى الى تعديل المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 ، لقد نقلت هذه المادة من قانون سابق الذي هو قانون الاحوال المدنية في مادته 21 الفقرة ثالثاً ، والتي تنص جواز لغير المسلم تبديل دينه وعدم جواز للمسلم تغيير دينه، كما جاء في المادة أيضاَ أسلمة القاصرين من الابناء ممن أسلم أحد أبويه ( أي إعتنق الدين الاسلامي) وهذا يتناقض مع الدستور العراقي في المادة 2 الفقرة/ ج ومع الفقه الاسلامي الذي يقول ( لاإكراه في الدين) وكذلك يتعارض مع إتفاقية حقوق الطفل التي إنضم اليها العراق وخاصة فيما يتعلق في نص تبديل الدين المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 14 من الاتفاقية التي نصت على ( تحترم الدول الاطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين )، وكذلك تعارضها مع مباديء حقوق الإنسان والمعايير الدولية التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
أن لدى الاقليات مخاوف كثيرة من الخصومة السياسية بين بغداد والاقليم، وهذا إنعكس على أوضاع الاقليات في سهل نينوى وسنجار.ونحن خائفين أن يتكررسيناريو سنجار في مناطق سهل نينوى بعد التحرير، إذ لحد الان لم يعد الى مناطق سنجار المحررة سوى 5% من عدد السكان .
اما في ما يخص شكل الادارة في سهل نينوى، أريد أن أضعكم بالصورة حول شكل الادارة المحلية لمناطق الاقليات، حيث المحافظة تضم 9 أقضية و22 ناحية بضمنها سنجار وتلكيف والحمدانية ونواحيهما مع ناحية بعشيقة( سهل نينوى)، هذه المناطق جعلت بعد عام 2003 أمنياً تحت سلطة إقليم كردستان العراق مع إستمرار إرتباطها ادارياً بمحافظة نينوى.
وبسب هذه المفارقة في التبعية الإدارية والامنية في إدارة هذه المناطق ، حصل إهمال كبير في البنية التحتية للخدمات في المناطق المذكورة بسبب الصراع السياسي والتقاطع الاداري ، حيث حرمت من الكثير من الاستحقاقات المالية الخاصة بالموازنات بسبب الصراع الكردي العربي على هذه المناطق والذي لازال مستمراً لليوم من غير إي إحترام لخصوصية أبناء هذه المناطق ومن دون إشراكهم بالشكل الصحيح الذي يحقق إرادتهم الوطنية في حكم وإدارة مناطقهم الجغرافية ومسكها أمنياً من أبنائهم ، فكان المتأثر من كل هذا الصراع هم أبناء المكونات من الاقليات المسيحية والايزيدية ومن الكاكائية والشبك.
ما أريد ان أقوله أيضاً أن جزءا كبيرا من أسباب سقوط الموصل في 10/6/2016 كان بسبب هذا الصراع العربي الكردي، وأن إنسحاب الجيش والبشمركة من سنجار والموصل وسهل نينوى وعدم مواجهتهم لداعش، الان من يواجه داعش هو نفس الجيش ، لابل أن بعض القادة العسكريين ممن لم يقاتلوا داعش ذالك اليوم هم يقاتلونها في معركة تحرير الموصل .
- لماذا لم تقم هذه القوات العسكرية بحماية الموصل وسنجار وسهل نينوى من السقوط وهي نفسها اليوم تقوم بذلك ؟
- النقطة الاكثر تخوفاً وقلقاً للأقليات هي رجوع الاوضاع سياسياً وامنياً وإدارياً الى ماكانت عليه قبل 10/6/2014 ، الان الاقليات وهي خارج مناطقها نازحة مهجرة في بلاد الشتات ، لديها اعتقاد عما سيؤول من سوء في مناطقها ، وهي فاقدة الثقة بالرجوع الى مناطقها إذا لم يكن هناك شكل إداري جديد ضامن لإستقرارها وعدم تغيير ديموغرافية في مناطقها ويحقق لها الأمان والرخاء ، لذلك يجب الاستماع الى الاقليات في طرحها لتصوراتها بشان مايجب أن يتحقق في هذه المناطق وليس الاستعانة ببعض الشخصيات أو بعض الاحزاب المسيحية أو الايزيدية التي لايتعدى عدد أفرادها العشرات وهم لايملكون رصيداً مجتمعياً من أبناء مكونهم أصلاً، بل هم تمثلون الجانب السياسي للأكثريات من الاحزاب العربية والكردي ، كما لايجب التعويل على بعض الشخصيات الدينية الموالية لهذا الطرف أو ذاك ممن فقد أبناء مكوناتهم الثقة بهم، مما يتطلب الأمر إشراك الاقليات ومنظماتهم الرصينة بوضع رؤية بشان مصيرهم في مناطقهم مابعد التحرير وقبل عودتهم .
- هل من الممكن حصول انتهاكات خلال عمليات تحرير الموصل، هل لديك تصور كم سيكون حجمها على الاقليات والمدنيين؟
- الحرب هي حرب ولاتوجد هناك حرب نظيفة ، كل الحروب تحصل فيها إنتهاكات ضد المدنيين، ولكن أنا توقعي أن هذه الحرب ستكون أقل الحروب في عدد الانتهاكات التي من الممكن ان تحصل فيها، لان معركة تحرير الموصل حصل فيها تنسيق دولي مع الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ، وتم فتح ممرات للمدنيين وبمراقبة من الامم المتحدة والمنظمات المحلية المهتمة بحقوق الانسان وفق مضامين القانون الدولي الانساني.
كان هناك قرار دقيق لعدد من فصائل الحشد الشعبي التي أحدثت إنتهاكات في تحرير الفلوجة وصلاح الدين والفوجة أن لا تشارك في المهام الاساسية لتحرير الموصل، بل تجعل لها مهام في مسك الأرض والخطوط الثانية في تحرير مناطق سهل نينوى ويتقدم الجيش بصنوفة مع الشرطة الوطنية لتحرير المناطق، وكما كان للحشد الشعبي إنتهاكات حصلت في العديد من المناطق التي شاركوا في تحريها، هكذا أيضاً تم تسجيل عدداً من الانتهاكات من سرقة الأثاث والممتلكات على ايدي بعض أفراد البيشمركة في قرى تللسقف وسنجار وقرى الكاكائية، وهذا ما أكده لنا العديد من شهود عيان من أهالي هذه المدن والقرى بعد تحرير مدنهم وقراهم ، لذلك كان القرار بإبعاد الفصائل من المشاركة المباشرة بإقتحام المدن لتحريرها الاثر الايحابي الكبير في تقليل الخسائر المادية في موجودات الدور من الاثاث والمستلزمات والاجهزة الكهرباية وغيرها من الاثاث ، وهي خطوة ايجابية أيضاً لإعادة الثقة على طريق المصالحة الوطنية للتخفيف من حدة النزاعات التي ستحدث بعد التحرير بمسك الارض على يد قوة عسكرية نظامية من الجيش والشرطة النظامية، والتي هي أكثر إنضباطاً وأكثر حيادية من فصائل الحشد جميعها .
- هل أنت قلق من مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل ؟
- نعم أنا قلق من مشاركة الحشد ومن حصول إنتهاكات من قبل فصائل هذا الحشد وخصوصاً في تحرير مدينة تلعفر، لأن المجتمع في تلعفر منقسم على ذاته، إذ أن غاليية التركيبة فيه هي من التركمان، وإن الغالبية فيه هم من السنة والاقلية هم من الشيعة، وإن أغلبية عناصر الحشد الشعبي التي ستشارك في تحرير تلعفر هم من أبناء القضاء ممن تسبب المكون التركماني السني في تلعفر في تهجيرهم والتنكيل بهم وبنسائهم، وهم اليوم منخرطون في الحشد الشعبي بأفواج قتالية ، وأن غالبية أبناء المكون السني التركماتي من ابناء تلعفر هم منخرطون ضمن لواء الدولة الاسلامية ( داعش) وهم لم يقتصر الاذى الذي ارتكبوه على أهالي تلعفر من الشيعة فقط ، وإنما كان لهم الدور الكبير في إدارة الارهاب في مركز مدينة الموصل وباقي الاقضية وأن أغلب قيادات تنظيم داعش من الخط الاول هم من أبناء هذا القضاء ومن المكون التركماني السني ، لذلك نحن نتوقع حصول عمليات ثأر دموية في هذا القضاء مابين الحشد ومقاتلي داعش وسيكون هناك ضحايا من المدنيين ومن السبايا الايزيديات الموجودة في تلعفر.
ان ما يثير قلقنا بشكل متزايد هو التصريحات الاخيرة المتبادلة بين طهران وانقرة حول معركة تلعفر ، ان التنافس الاقليمي في المنطقة وانخراطه بشكل مباشر أو غير مباشر لدعم مجموعات داخل العراق سيزيد من الوضع تعقيدا ولربما ستكون الانتهاكات والاضرار على المدنيين بشكل اكبر في الوقت الذي انخرط فيه الكثير من ابناء تلعفر ضمن صفوف داعش وكان لهم دورا سلبيا على ابناء الموصل واقضيتها .
إن حدث هذا التصادم في تلعفر ما بين الحشد الشعبي والقوات التركية، أتوقع ان حجم الانتهاكات ستكون كبيرة وأكثر وضوحاً، لابل ستكون كارثية في حجمها وشكلها وأعدادها.
- وماذا عن قضاء الحمدانية " قرقوش " ؟
- قرقوش تختلف عن سنجار من حيث نوعية الابنية ونخبة أهلها وفي ثقافتها ونتاجها الفكري ، المدينة فيها جامعة، وفيها أكثر من 40 مدرسة مختلفة من رياض أطفال الى ابتدائية وثانوية، كان فيها أكثر من 45 الف نسمة كانوا يعيشون فيها ويمارسون اعمالهم الزراعية والتجارية ، هي أكبر مركز تواجد المسيحيين في سهل نينوى وفي الموصل، فهي قبلة المسيحيين في العراق والشرق العربي، وكانت جميع الأجندة السياسية تتمحور حول أن تكون هذه المدينة مركزاُ إدارياً لسهل نينوى .
أن قضاء الحمدانية مكون من ثلاث وحدات إدارية، وإن غالبية أهالي مركز القضاء هم من المسيحيين، وإن المجلس البلدي للقضاء مكون من 20 مقعداً، المسيحيين يملكون فقط 8 مقاعد فيه والباقي هي للمسلمين من الشبك والعرب والتركمان والكاكائية، وبسبب التمثيل لمجمل سكان القضاء بنواحيه الثلاث ... أصبحت الاكثرية المسيحية أقلية نتيجة ذلك. وبوجود 12 مقعداً للمسلمين يبقى إتخاذ أي قرار مرهون بهم لانهم يملكون الاغلبية في المجلس البلدي، وبسبب هذا حصل نزاع بين المكون المسيحي والمكون الشبكي لانهم أرادوا بناء عدد من المساجد والحسينيات والمدارس الدينية في القرى والقصبات المسيحية وليس في قراهم، وذلك بهدف إحداث تغيير ديموغرافي في مراكز المدن المسيحية الثلاث ( قرقوش، برطلة، كرمليس) بتحريك هذا المكون المدعوم من أطراف إقليمية والاستقواء بالاغلبية المسلمة في المجلس البلدي في قضاء الحمدانية ( قرقوش). وكان لموقف أعضاء المكون الشبكي دعم وإسناد من خلال الوقف الشيعي في الموصل والاحزاب الاسلامية الشيعية. وعندما حاولنا أن يبتعدوا عن هذا المشروع ونقنعهم بأن بناء هذه المساجد والمدارس والحسينيات في مراكز القرى المسيحية سيولد تصادما فكريا وعقائديا ويتحول الى نزاعات وصدامات لا تؤسس للسلم الأهلي للمكونات في سهل نينوى، فمن الأصح ان تبنى هذه المعابد الاسلامية في القرى المسلمة ذات الخصوصية المسلمة الشيعية. لأننا جميعاً ندرك أن التعاليم الاسلامية والشريعة فيها ما لايتطابق وثقافة وحرية المسيحيين. المسلمين لايقبلون خروج المرأة او الفتاة سافرة، هم لايريدون المدارس المختلطة، هم يحرمون شرب الخمر وغيرها من الامور، وهذا يتعارض مع ثقافة وسلوك المسيحيين.
وفي هذا السياق ايضا، كان الوجود المسيحي قبل عام 2003 أكثر من مليون و300 الف نسمة ومتشرين في جميع محافظات العراق ومرتكزين في بغداد والموصل والبصرة ، حيث كان يعيش في بغداد لوحدها حوالي نصف مليون مواطن مسيحي، كان لنا أحياء في بغداد غالبيتها من المسيحيين( حي الاثوريين في الدورة وحي بغداد الجديدة وحي الأمين وحي الغدير وشارع فلسطين، وحي عقد النصارى، كرادة مريم، كم سارة ، كم الأرمن وغيرها من الاحياء) اليوم لايوجد الا بحدود50 الف مسيحي في مدينة بغداد التي يوجد فيها أكثر من 30 كنيسة ، وهي مقر البطريركية الكلدانية في العراق والعالم كما هي مقر البطريركية المشرقية القديمة، اليوم إنحسر عددهم في العراق بأكمله بأقل من 300 الف نسمة، ومدينة قرقوش إحتوت الالاف منهم.
- هل باعتقادك بعد تحرير الموصل أن المسيحيين سيكون بإستطاعتهم الرجوع الى دورهم ؟
- أعتقد أن مركز مدينة الموصل لن يكون هناك رجوع للمسيحيين اليها ، وأيضاً في مركز مدينة تلكيف سيكون الرجوع ضعيفاً ، الرجوع من الممكن أن يكون في سهل نينوى الجنوبي ضمن قرقوش وكرمليس وبرطلة، ومن الممكن في سهل نينوى الشمالي في تللسقف وباطنايا والشرفية وباكوفا، لكن هذا الرجوع يحتاج الى العديد من الاليات ليتحقق:
- أن يكون هناك أمن حقيقي في هذه المناطق، وهذا لايتحقق الا من خلال الترتيبات الامنية الجدية ،لكن مايحتاجه الجانب الامني في هذه المناطق هوبناء الثقة في القوة الامنية التي تحميهم، من الممكن أن تكون الحماية الامنية من الفصائل المسيحية المشكلة من ابناء هذه المناطق، وذلك من خلال جعل جميع هذه الفصائل قوة واحدة وربطها في حكومة بغداد، مع تطوير قابلياتها الدفاعية الى مستويات اكثر تقدماً، وبوجود خبراء أمنيين دوليين وبحماية أممية لمدة من 10الى15 سنة، الى أن تتمكن هذه القوات من إكتساب الخبرة في الادارة الامنية لهذه المناطق.
- التعويض المادي المباشر لما أصابهم من أضرار في ممتلكاتهم ومساكنهم على يد داعش والتحالف الدولي .
- حل ميليشيات جميع مكونات سهل نينوى، وربطها بقوة واحدة من خلال الحكومة الاتحادية في بغداد، لان المخاوف تتجه الى صراعات داخلية بعد التحرير مابين الاقليات من المسيحيين والشبك والايزيديين ، لذلك نحن نرى أن ربط هذه الميليشيات في قوة واحدة لحماية سهل نينوى من خلال الحكومة الاتحادية في بغداد سيكون الافضل لدرء الخطر من تلك الصراعات . ربما تتساءل لماذا يجب ربطهم بقوة واحدة... الجواب هو لأن هذه الميليشيات هي منقسمة في الولاءات السياسية مابين بغداد واربيل والحشد الشعبي، حيث يوجد للمسيحيين ميليشيات تابعة لبغداد وأيضاً لديها ميليشيات تابعة لاربيل وأخرى تابعة للحشد الشعبي، وهكذا الشبك والايزيديين هم أيضاً منقسمون. إن عدم وجود قيادة مشتركة ورؤية واحدة ثابتة لهذه الميليشيات، سيكون القادم هو الاسوأ بوجودها ، سيكون هناك إستخدام لهذه الميليشيات من الجهات السياسية التي تمولها مصالحها دون الاكتراث بمصالح وحقوق الاقليات ، وهذا مانحن متخوفون منه ، وما نتوقعه سيحصل ، لذلك يجب أن يكون للعامل الامني الدولي حضور في السيطرة الامنية على هذه المناطق وإيجاد شكل إداري مدني لإبعاد الصراع من هذه المناطق.
- تقول أن المسيحيين سيرجعون الى سهل نينوى، ولكنهم لن يرجعوا الى الموصل بعد تحريرها... ياترى على ماذا إستندت في ذلك، لماذا مركز مدينة الموصل يختلف عن سهل نينوى؟
الجواب :
اولا : لإن غالبية السكان الموجودين في مركز الموصل هم من المسلمين السنة.
ثانيا : لأن داعش خلال العامين المنصرمين قد ربى جيلين من الاطفال والشباب ، اعمارهم تتراوح مابين 9-16 يسمون بأشبال الخلافة، هؤلاء تم تثقيفهم وتربيتهم على أدبيات داعش الارهابية ، هؤلاء مستعدون أن يقتلوا وينحروا الاخر ، وهم مستعدون للإنتحار في أي مكان عام ، هذه هي المخاوف تدفع الى عدم رجوع المسيحيين والايزيديين باتجاه مركز المدينة التي طردوا منها بعد أن سلبت جميع اموالهم وصودرت دورهم وكتب عليها حرف ( ن) أي النصارى، على الاقل خلال العشرة سنوات القادمة .
ثالثا : لا توجد برامج وطنية أو دولية رصينة لتغيير المناهج التربوية لتغيير هذه الثقافة ، من الممكن أن ترجع الاقليات الى مركز المدينة مابعد 10-15 سنة أخرى، لان الفكر يجب أن يحارب بالفكر، هناك معلومات تفيد بأن المناهج التربوية التي تدرس الان ودرست خلال العام المنصرم هي تحمل الافكار الداعشية المتطرفة تجاه الاقليات من المسيحيين والايزيديين والشيعة، لانها تستبيح قتل هذه المكونات ، وهذه هي المخاوف التي تجعل الاقليات لا تعود الى الموصل بعد تحريرها. نحن نتكلم عن ثقافة توغلت في نفوس الآلاف من الاطفال، حيث هناك أكثر من 700 طفل أيزيد ي من المسبيين اليوم يحمل الفكر الداعش في الموصل وهو يقاتل الى جانب الاف أخرى من الاطفال والشباب المسلمين ممن إنضموا تحت لواء داعش، وبعض الناجيات الايزيديات عندما رجعت من السبي، تكلمن عن هذه الظاهرة التي تبناها داعش من خلال تجنيد الاطفال ضمن صفوفه. البعض من هذه النساء بعد أن رجعت من السبي وكان معهن أطفال تربوا على ثقافة داعش عامين متتاليين، هؤلاء حاولوا الحاق الضرر بذويهم ومن أخواتهم وأمهاتهم من خلال محاسبتهم على نوع لباسهم وسلوكهم بحسب الشريعة الداعشية، وقسم حاول قتلهم أو ذبحهم . أنا من خلال لقائاتي وتحقيقاتي مع عدد من الناجيات الايزيديات والمسيحيات، واحدة من هذه الناجيات اليوم تعيش في خانكي في دهوك، وكان لديهم اكثر من 45 فرد لدى داعش بين شيج وشاب وفتاة وإمراة وطفل وطفلة، إستطاعت العائلة إعادة العديد من افراد عائلتها من خلال شرائهم، ولكنهم أخفقوا في شراء طفل للعائلة عمره 9 سنوات لانه رفض وأبى العودة الى كنف والدية مفضلاً البقاء في صفوف داعش، هذه هي الكارثة من هذا الفكر الذي يخيف الاقليات من الرجوع مبكراً الى الموصل بعد تحريرها .
رابعا : سيطرة الايدولوجية الداعشية المتطرفة والرافضة للاخر والتي سببت إختفاء التنوع في الموصل تزيد من عامل الخوف للاقليات الرجوع .
خامسا: ما حصل لأملاك المسيحيين من الدور والكنائس والاديرة، فحسب المعلومات الواردة أن جميع هذه الاملاك قد صودرت وتم التصرف بها من قبل داعش، وبعض الكنائس حولت الى سجون ومقرات لتواجدهم أو مخازن للأسحة والعتاد والذخيرة.هذه هي الرسائل الخطيرة التي لاتجعل الاقليات أن تفكر في الرجوع الى الموصل، لذلك على المجتمع الدولي إن اراد للتنوع أن يستعاد بالتعايش في الموصل فعليه أن يكون حاضرا بقوة وأن يلتزم بما هو اخلاقي وقانوني لحماية الاقليات ، لأن الاقليات العراقية اليوم أصبحت فاقدة الثقة بالسلطات الاتحادية والاقليم، وكنا قد تحدثنا في جنيف مجلس حقوق الانسان قبل ثلاثة أعوام، إذا لاتوجد إرادة للغالبية المسلمة في العراق ولتي تصل نسبتهم الى اكثر من 90% من حجم السكان في العراق، أعتقد أن المجتمع الدولي يجب أن يكون حاضراً لحماية هذه الاقليات التي تشكل أقل من 10% من حجم سكان العراق .
والسؤال هنا هل يستطيع المجتمع الدولي في خضم الاهتمام الأمريكي والروسي والفرنسي والايطالي والالماني في المنطقة العربية خصوصاً سوريا والعراق لجعل شكل الحكم والسلطة والادارة في المنطقة برمتها ذات دستور مدني، لكي يبددوا مخاوف غير المسلمين والمسلمين المعتدلين بدلاً أن تكون دولاً تحكمها الشريعة الاسلامية وتتفرد في التشريعات والقوانين المستقاة من المذاهب الاسلامية الشيعية والسنية حصراً.
لا يستطيع كائن ما أن يتحدى لوحده جميع الصعاب، لابد من وجود من يعينه على إزالة هذه التحديات للعمل سوياً لتعزيز وجود وإستقرار الاقليات والحفاظ على التنوع.
وما يحصل في العراق هو العكس ، فالاحزاب الكبيرة تستخدم الاقليات جسراً للوصول الى غاياتها السياسية دون ان تحقق للأقليات شيئاً من حقوقها.
خلال فترة وجودي بالسلطة عضواً للمجلس البلدي في قضاء الحمدانية ( قرقوش) منذ عام 2003 ولحد الأن ، فلم يحصل أي تطور ملحوظ في هذا القضاء بسبب الصراع السياسي على مناطقنا في سهل نينوى مابين العرب والكرد . وهذا يفقد الأمل لدى الكثير من أبناء سهل نينوى من الاقليات للبقاء في مناطقهم او العودة اليها، لذلك يجب أن يكون ما بعد التحرير شيء أخر يختلف عما كان من قبل، شيء يعزز الثقة بالبقاء في هذه المناطق يعطيهم الضمان في إدارة مناطقهم بعيداً عن الصراعات ( أي تحييد هذه المناطق من دائرة الصراع العربي الكردي )، أن يكون هناك تخصيصات مالية كافية ضمن استحقاقاتهم. هناك معياران اساسيان الكل متفق عليها وهما من المعايير الاساسية لإستقرار وتعزيز وجود أي مكون اعني ، الامن والاقتصاد، وهذان المعياران كانا مفقودين في سهل نينوى خلال تلك الفترة منذ عام 2003 ولحد سقوط سهل نينوى في 7/8/2014بيد داعش.
نحن في منظمة حمورابي لدينا رؤية واضحة لما سيحصل مابعد التحرير، ونأمل من المجتمع الدولي أن يتوقف عند هذه الرؤية التي تعزز وجود الاقليات في سهل نينوى ومنهم المسيحيين .